73 مساهمة تهديفية.. صلاح يترك الجميع خلفه في سباق العظماء
في دوري يُعرف بأنه الأقوى والأشرس في العالم، حيث تشتد المنافسة ويصعب الثبات، يتصدر محمد صلاح المشهد كأنه خلق ليكون نجمًا في سماء البريميرليج. النجم المصري لا يكتفي بالمنافسة وسط كوكبة من الأسماء اللامعة، بل يواصل هيمنته على المستطيل الأخضر، محطمًا الأرقام، ومؤكدًا أنه ليس مجرد مهاجم عابر، بل أيقونة يصعب تكرارها.
في الوقت الذي يتبدل فيه ترتيب النجوم وتخفت أنوار كثيرة مع مرور المواسم، يظل صلاح محافظًا على بريقه الخاص. مو، كما يلقبه عشاقه، لم يعد فقط هدافًا معتادًا، بل تحوّل إلى ماكينة متكاملة تصنع وتسجّل وتُحدث الفارق متى أراد. ومع كل مباراة، يضيف فصلًا جديدًا إلى كتاب إنجازاته، متمسكًا بموقعه على القمة، وكأنها خُلقت له.
تقرير جديد صادر عن موقع “ترانسفير ماركت” الشهير، والمتخصص في رصد إحصائيات اللاعبين حول العالم، جاء ليضع النقاط فوق الحروف ويُكرّس تفوق صلاح، حيث تصدّر قائمة أكثر اللاعبين مساهمة بالأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال آخر موسم ونصف، متفوقًا على عمالقة مثل إيرلينج هالاند وكول بالمر وأولي واتكينز.
الأرقام تتحدث عن نفسها: منذ انطلاق موسم 2023-2024 وحتى أبريل من الموسم الجاري 2024-2025، شارك صلاح في 65 مباراة بالبريميرليج، أحرز خلالها 45 هدفًا وقدّم 28 تمريرة حاسمة، ليصل إلى 73 مساهمة تهديفية. هذا الرقم الضخم لا يعكس فقط مهارات تهديفية خارقة، بل يدل على وعي تكتيكي وقدرة عالية على صنع الفارق في كل لحظة.
وفي الموسم الحالي وحده، يبدو صلاح وكأنه في أفضل حالاته، حيث شارك في 33 مباراة بالدوري، سجل خلالها 27 هدفًا وصنع 18 تمريرة حاسمة، ليُثبت أنه ما زال اللاعب القادر على الجمع بين الحسم أمام المرمى والرؤية الجماعية التي تمنح فريقه بعدًا هجوميًا استثنائيًا. أرقامه هذا الموسم فقط كانت كفيلة بوضعه ضمن نخبة اللاعبين في تاريخ الدوري.
الموسم الماضي لم يكن مختلفًا كثيرًا. ففي 32 مباراة، هزّ مو الشباك 18 مرة وصنع 10 أهداف لزملائه، ليُظهر أن الاستمرارية ليست مجرد شعار في مسيرته، بل واقع يعيشه ويتفوّق من خلاله على منافسيه عامًا بعد عام.
ولعل ما يزيد من روعة هذا الإنجاز هو الفارق الواضح بينه وبين أقرب ملاحقيه، النرويجي هالاند، نجم مانشستر سيتي، والذي يمتلك 57 مساهمة تهديفية فقط في 59 مباراة (48 هدفًا و9 تمريرات حاسمة)، متخلفًا بـ16 مساهمة عن صلاح، رغم ضجيج الأرقام الذي يحيط به دائمًا.
أما كول بالمر، نجم تشيلسي الصاعد بسرعة الصاروخ، فجاء ثالثًا بـ56 مساهمة في 66 مباراة، تساوى معه أولي واتكينز بنفس الرصيد التهديفي ولكن عبر عدد أكبر من المباريات (70 مباراة)، وهو ما يؤكد أن ما يفعله صلاح ليس فقط كفاءة بل كفاءة متسقة ومتواصلة.
وفي المركز الخامس، حضر السويدي ألكسندر إيزاك، نجم نيوكاسل، بـ50 مساهمة تهديفية في 60 مباراة، في إشارة إلى اتساع الهوة بين محمد صلاح وأقرب منافسيه.
لكن الحقيقة الأهم ليست مجرد أرقام جامدة على ورق، بل ما تعنيه هذه الأرقام في سياق المنافسة. فصلاح لم يصل إلى هذه القمة صدفة، بل عبر جهد واستمرارية واستيعاب متغيرات الدوري الإنجليزي السريعة، حيث تغيرت تشكيلات ليفربول، وتبدل الزملاء، لكن ظل صلاح هو الثابت الوحيد، النجم الذي لا تهزمه الأعوام، ولا تكسره الضغوط.
إنه محمد صلاح، ليس فقط أفضل هدّاف في البريميرليج خلال موسم ونصف، بل مثال حي على كيف يمكن للإصرار والموهبة أن يُنتجا أسطورة مستمرة في صنع التاريخ.



