أزمة الكرة المصرية.. ملايين تُهدَر على الأجانب.. وكنوز الناشئين تُهمل بلا سبب!

في كل موسم كروي جديد، تشتعل سوق الانتقالات في مصر، وتتصدر العناوين صفقات بالملايين للاعبين أجانب يرتدون قميص الأهلي أو الزمالك. ولكن، في ظل هذه العروض البراقة، يغيب سؤال جوهري: لماذا لا نرى هذا الحماس نفسه حين يتعلق الأمر بقطاعات الناشئين؟ ولماذا لا تُستثمر تلك الملايين في تطوير أبناء الوطن ممن يرتدون نفس القمصان في فرق الشباب؟
الواقع المؤلم أن الناشئين في مصر يعانون من التهميش والإهمال، رغم أن بعضهم يملكون مواهب تضاهي – بل وتتفوق على – بعض اللاعبين الأجانب الذين يتقاضون أضعاف أضعاف ما يحصل عليه شاب مصري يلعب بروح الفانلة، لا مقابل الدولارات.
الأهلي والزمالك، قطبا الكرة المصرية، يملكان قطاعات ناشئين واعدة أنجبت أسماء لامعة في الماضي، لكن السياسات الحالية تضع تلك القطاعات في الظل، مفضّلة الحلول السريعة بضم محترفين من الخارج، حتى لو كلفت النادي ملايين لا يقدر على دفعها، لتظهر أزمات القيد والمستحقات كما حدث مؤخرًا مع الزمالك، وكأن التاريخ لا يُقرأ ولا يُتعلم منه.
الناشئ المصري لا ينقصه الموهبة، بل فقط من يؤمن به. نحتاج مشروعًا حقيقيًا لتطوير قطاع الناشئين، يبدأ من البنية التحتية مرورًا بالتدريب والتغذية والتأهيل النفسي، وينتهي بمنح هؤلاء اللاعبين الفرصة الفعلية للظهور في الفريق الأول، لا أن يتحولوا إلى “كومبارس” في مشهد البطولة الذي يُسند دومًا للوافد الأجنبي.
إذا كنا نحلم بكرة قدم مصرية قوية ومستدامة، فلابد أن نبدأ من الجذور. المستقبل لا يُشترى من الخارج، بل يُصنع في ملاعب الناشئين. فهل نملك الشجاعة لننظر إلى الداخل قبل أن نُبهربالخارج؟



