أوضة اللبس تتحول إلى ساحة حرب.. هل يعود الانضباط للأهلي؟

في عالم كرة القدم، ليست الملعب وحده هو ساحة التحدي، بل تمتد المنافسة إلى أماكن أخرى داخل النادي، وأبرزها “أوضة اللبس”، حيث تُصنع الروح الجماعية، وتُبنى العلاقات بين اللاعبين والجهاز الفني. في النادي الأهلي، لطالما كانت هذه الغرفة محصنة بالانضباط، وحافلة بالقصص البطولية، بفضل إدارة قوية وحازمة مثل تلك التي قادها سيد عبد الحفيظ، مدير الكرة السابق، الذي عرف كيف يحكم السيطرة على الفريق، ويفرض النظام بشكل يليق بأحد أكبر الأندية في إفريقيا.
لكن، ما إن رحل عبد الحفيظ عن منصبه، حتى بدأت الأزمات تضرب “أوضة اللبس” بلا هوادة أصبحت الغرفة مسرحًا لاعتراضات اللاعبين، وخلافاتهم مع الجهاز الفني والإداري، حتى وصلت الأمور إلى تصادم مباشر مع الجماهير، أزمات متلاحقة، تبدأ من محمود كهربا الغاضب من التشكيل، مرورًا بإمام عاشور ورفضه لدكة البدلاء، وانتهاءً بالمشادة العلنية بين محمد الشناوي والجماهير. فهل فقد الأهلي تلك الهيبة التي ميزت غرفته السرية؟
الأمر لا يقف عند حدود الغرفة المغلقة، بل يتسرب إلى الملاعب، ويؤثر على النتائج، ويهدد كيان الفريق. جماهير الأهلي التي كانت يومًا ما الحصن المنيع للاعبين، أصبحت الآن مصدر ضغط لا يُحتمل، تطالب بالمحاسبة والرحيل. وفي غياب شخصيات قيادية قادرة على السيطرة، يبدو أن “أوضة اللبس” فقدت هدوءها وتحولت إلى قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار في أي لحظة.
فهل كانت الإدارة محقة في التخلي عن سيد عبد الحفيظ؟ وهل هناك من يستطيع إعادة الانضباط إلى الغرفة التي طالما اعتبرت رمزًا للوحدة؟ هذه الأسئلة تتردد في أذهان كل عاشق للنادي، الذي لم يعد يرى في “أوضة اللبس” مصدر استقرار، بل باتت تعكس واقعًا يحتاج إلى تدخل حاسم قبل أن تضيع البوصلة تمامًا.
أزمة كهربا وغضب بسبب التشكيل
شهدت “أوضة اللبس” أزمة كبيرة عندما اعترض محمود عبد المنعم “كهربا” على عدم مشاركته في مباراة سيراميكا كيلوباترا في نصف نهائي كأس السوبر المصري اعتراضه العلني على قرار الجهاز الفني أثار جدلاً واسعًا، خاصة بعد أن قررت الإدارة تغريمه مليون جنيه. هذا التصرف يُعد مؤشرًا واضحًا على غياب السيطرة الكاملة داخل الفريق، وهو أمر لم يكن ليحدث في عهد سيد عبد الحفيظ، الذي كان يفرض النظام بصرامة على الجميع.
إمام عاشور ومشكلة مباراة ستاد أبيدجان
لم يتوقف الأمر عند كهربا، بل شهدت الغرفة أزمة جديدة بسبب اعتراض إمام عاشور على جلوسه على مقاعد البدلاء خلال مباراة ستاد أبيدجان. هذه الواقعة أيضًا انتهت بتغريمه مليون جنيه، ولكنها كشفت عن وجود شرخ داخل الفريق، حيث بات اللاعبون يعبرون عن استيائهم علنًا، وهو ما يشير إلى ضعف القنوات الداخلية لحل الأزمات.
إصابة عمر كمال في التدريبات
وسط هذه الفوضى، ترددت أنباء عن، اشتباك بين اللاعبين في إصابة عمر كمال بقطع في اليد استلزم أربعة غرز، هذه الواقعة، التي يُفترض أن تكون نادرة الحدوث في فريق بحجم الأهلي، تسلط الضوء على تراجع الروح الجماعية والانضباط، وهو أمر لم يكن ليُسمح به تحت قيادة سيد عبد الحفيظ.
محمد الشناوي وأزمة الجمهور
الأزمات لم تقتصر على اللاعبين فقط، بل امتدت إلى قائد الفريق محمد الشناوي، الذي دخل في مشادة كلامية مع الجماهير بعد الخسارة من باتشوكا في كأس الانتركونتيننتال هتافات الجماهير الغاضبة لم تستهدف فقط اللاعبين، بل وصلت إلى حد المطالبة برحيل الشناوي نفسه، رد الشناوي كان صادمًا، حيث قال: “وأنا كمان همشي”، وهو تعبير يعكس حجم الضغط النفسي الذي يعيشه اللاعبون في ظل غياب الحماية والدعم من إدارة الفريق.
خلاف المدير الرياضي مع المعد النفسي
وكأن المشكلات لم تكن كافية، جاءت الأزمة بين محمد رمضان، المدير الرياضي للنادي، وعماد فاروق، المعد النفسي، لتزيد الأمور تعقيدًا. الخلاف الحاد بين الطرفين دفع المعد النفسي لتقديم استقالته، مما كشف عن وجود صراعات داخل الجهاز الإداري نفسه، وهو أمر غير مألوف على الأهلي.
لماذا رحل سيد عبد الحفيظ؟
السؤال الذي يطرح نفسه وسط هذه الأزمات هو: لماذا رحل سيد عبد الحفيظ عن منصبه كمدير للكرة؟
كان عبد الحفيظ شخصية حاسمة في غرفة الملابس، فهو يمتلك مزيجًا من الصرامة والذكاء الإداري، مما جعله قادرًا على التعامل مع اللاعبين بمختلف شخصياتهم. كان يتمتع بثقة الإدارة والجماهير، وكان يُعرف بقدرته على حل الأزمات في مهدها.
لكن، يبدو أن بعض الأطراف داخل النادي رأت أن الفريق بحاجة إلى دماء جديدة ورؤية مختلفة، وهو ما دفع الإدارة لاتخاذ قرار التغيير. رحيله فتح الباب أمام فوضى لم تشهدها الغرفة منذ سنوات، حيث افتقد الفريق لشخص قادر على فرض الانضباط وحماية اللاعبين من أنفسهم ومن الضغوط الخارجية.
كيف تنتهي هذه الأزمات؟
الأزمات المتلاحقة في “أوضة اللبس” ليست مجرد أحداث منفصلة، بل هي انعكاس لغياب نظام إداري قوي يضبط الأمور. لذا، فإن الحلول يجب أن تكون شاملة، وتشمل ما يلي:
تعيين مدير كرة قوي:
من الضروري تعيين مدير كرة يتمتع بالكاريزما والحزم، مثل سيد عبد الحفيظ، ليعيد الانضباط إلى غرفة الملابس. مدير الكرة يجب أن يكون قادرًا على التعامل مع النجوم الكبار وفرض القواعد دون استثناء.
تعزيز التواصل الداخلي:
يجب إنشاء قنوات تواصل واضحة وفعالة بين الجهاز الفني واللاعبين، بحيث يتمكن اللاعبون من التعبير عن استيائهم بطرق احترافية بدلًا من افتعال الأزمات.
إعادة بناء الثقة بين اللاعبين والجماهير
الجماهير هي العنصر الأهم في منظومة الأهلي، وأي خلاف معها يُعد تهديدًا لاستقرار الفريق. لذا، يجب تنظيم لقاءات بين اللاعبين والجماهير لتوضيح المواقف واحتواء الغضب.
تطوير الجانب النفسي
غياب المعد النفسي عن الفريق يُعد خسارة كبيرة يجب تعيين متخصص نفسي جديد قادر على مساعدة اللاعبين على التعامل مع الضغوط وتجاوز الأزمات.
تعزيز الروح الجماعية
يجب على الجهاز الفني والإدارة العمل على تعزيز الروح الجماعية داخل الفريق، سواء من خلال الأنشطة الجماعية أو الاجتماعات التحفيزية، لإعادة بناء الترابط بين اللاعبين.
خاتمة
“أوضة اللبس” هي القلب النابض لأي فريق كرة قدم، وأي خلل فيها يؤثر بشكل مباشر على أداء الفريق في الملعب. رحيل سيد عبد الحفيظ كشف عن أهمية وجود شخصية قيادية قوية قادرة على ضبط الأمور وحل الأزمات قبل أن تتفاقم. الأهلي، بصفته ناديًا عريقًا، قادر على تجاوز هذه المرحلة، لكنه بحاجة إلى وقفة جادة لإعادة الاستقرار إلى غرفة الملابس واستعادة هيبتها. متى يحدث ذلك؟ الإجابة تعتمد على قرارات الإدارة في الأيام القادمة.



