العملاق يستيقظ بعد سبع سنوات نوم: هامبورج يعود للبوندسليغا بقوة الإعصار

في كرة القدم، هناك فرق تهبط فتذوب في طي النسيان، وأخرى تسقط لتنهض من جديد… أقوى، أشرس، وأجوع للانتصارات. هامبورج ينتمي للنوع الثاني. النادي العريق، الذي كان يومًا زعيمًا لأوروبا ومهاب الجانب في البوندسليغا، عاد أخيرًا بعد سبع سنوات من الغياب القاسي، وقرر أن يذكر الجميع بمن يكون.
لم تكن العودة عادية، بل جاءت بصخب لا يليق إلا بالكبار: انتصار كاسح بسداسية مقابل هدف أمام أولم، في مشهد أقرب إلى إعلان ثأر كروي، منه إلى مباراة صعود. وكأن هامبورج صرخ في وجه الجميع: “نحن هنا، ولن نرحل مجددًا!”
في عام 2018، خيّم الحزن على جماهير هامبورج، بعدما عاشوا كابوس الهبوط للمرة الأولى في تاريخ النادي، الذي كان يُعرف بـ”الديناصور” لكونه الفريق الوحيد الذي لم يذق مرارة الدرجة الثانية منذ تأسيس البوندسليغا. منذ ذلك الحين، دخل الفريق نفقًا مظلمًا من المعاناة، أضاع فيه أكثر من فرصة للعودة، وواجه مطبات مالية وإدارية وفنية كادت تجهز عليه نهائيًا.
لكن كرة القدم لا تقتل الشغف، وهذا ما أثبته المدرب الشاب “مارلين بوزلين”، صاحب الـ34 عامًا، الذي تولى قيادة الفريق في ديسمبر الماضي وسط الشكوك، ليصنع ملحمة العودة قبل نهاية الموسم بجولة، بعدما رفع هامبورج رصيده إلى 59 نقطة متفوقًا على كولن الوصيف بنقطة واحدة.
الفوز الكبير على أولم، الذي شهد تألق النجم ديفيد سيلكه بتسجيله 22 هدفًا هذا الموسم، وضع هامبورج مجددًا تحت الأضواء. بجانبه، الفرنسي السريع “لوك دومبي” كان أحد مفاتيح اللعب المهمة، بصناعته لـ11 هدفًا، ليُكوّن مع سيلكه ثنائيًا ناريًا يُخيف خصوم البوندسليغا من الآن.
لكن فرحة الصعود لم تخلُ من بعض الفوضى. بعد صافرة النهاية، تحولت مدرجات ملعب “فولكسبارك” إلى بحر من الجماهير، اقتحم بعضهم أرضية الملعب، وحاولوا الدخول لغرف الملابس للاحتفال مع اللاعبين، ما أدى لإصابة العشرات ونقل 20 إلى المستشفى، في مشهد جنوني يؤكد كم كانت العودة منتظرة.
هامبورج لا يعود كضيف، ولا يصعد ليكمل عدد الفرق، بل يعود بتاريخ ثقيل، بجماهير متعطشة، وبمشروع جديد يقوده جيل شاب… عودة هامبورج إلى البوندسليغا ليست مجرد خبر رياضي، بل قصة إلهام لكل من سقط، بأن الصعود ممكن، إذا كان خلفك نادٍ اسمه التاريخ.



