ريال مدريد ينهض من أزمة الإصابات.. كيف تحول التوتر إلى استقرار؟
في أحد أكثر المواسم توترًا في تاريخ ريال مدريد، عاش الفريق الإسباني أيامًا صعبة كانت فيها الإصابات ونتائج المباريات السلبية تهدد استقرار النادي. لا شك أن الخسائر المتتالية، والإصابات العضلية المتكررة، والغياب المستمر لبعض النجوم ألقت بظلالها على غرفة تبديل الملابس، حيث بدأ الحديث عن نهاية حقبة ما تحت قيادة المدرب كارلو أنشيلوتي.
ومع كل جولة من الدوري، كانت المعاناة تتسارع: لاعبين يغيبون عن المباريات بسبب الإصابات العضلية، وآخرون يعانون من الإرهاق بسبب تحميل زائد في التدريبات. وكل هذا تراكم ليخلق حالة من القلق والتوتر بين المسؤولين في النادي الملكي، حتى وصل الأمر إلى مرحلة تهدد فيها إدارة النادي بإجراء تغييرات جذرية في الجهاز الفني والطبي.
ولكن، كما هو الحال مع أعتى الأندية في العالم، تأتي الأزمة أحيانًا مع فرصة للنهوض. ومع حلول شهر ديسمبر، بدأ الوضع يتغير بشكل ملحوظ. والآن، بينما يدخل الفريق في مرحلة الحسم في الموسم، تتجلى نتائج التغييرات الداخلية التي أجراها النادي في ظل الأزمة التي مر بها.
بعد شهرين من التوتر، تراجع معدل الإصابات بشكل دراماتيكي، وأصبحت غرفة تبديل الملابس أكثر هدوءًا. هذا التحول لم يكن نتيجة للحظ، بل هو ثمرة لتعديلات استراتيجية تم تطبيقها على جميع الأصعدة. تغيير أساليب التدريب، وتعديل أساليب العلاج الطبيعي، وتوفير الراحة اللازمة للاعبين، كانت بعض من القرارات الحاسمة التي ساعدت ريال مدريد على استعادة توازنه.
وبينما كانت الأيام الأولى من الموسم تسير في اتجاه آخر، أثبت ريال مدريد أنه قادر على تجاوز الأزمات، من خلال العمل الجاد على تحسين الجانب البدني والتكتيكي، ليعود إلى مستواه الذي يليق بتاريخه العريق.
وفيما يلي نتناول كيف استطاع ريال مدريد تخطي هذه الأزمة، والخطوات التي اتخذها النادي لتحسين لياقة لاعبيه والتقليل من الإصابات، في تقرير شامل عن الأوضاع في النادي منذ بداية الموسم حتى اليوم.
على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهها فريق ريال مدريد هذا الموسم، كان هناك تحول ملحوظ بدأ في ديسمبر بعد أشهر من القلق، وتحديدًا فيما يتعلق بالجانب البدني واللياقة البدنية للاعبين. منذ بداية الموسم، كانت الإصابات العضلية تشكل عبئًا كبيرًا على الفريق، حيث كان النادي يعاني من تكرار الإصابات، مما أثر بشكل كبير على أداء اللاعبين في المباريات. هذه الإصابات لم تكن مجرد حادث عارض، بل أصبحت مشكلة متكررة كان لها تأثير مباشر على مستوى الفريق في المنافسات المحلية والأوروبية.
في البداية، كانت الأمور تسير بشكل غير جيد، إذ كانت الإصابات تتوالى، ويغيب اللاعبون الأساسيون عن المباريات لفترات طويلة. لاعبو الفريق الملكي الذين كانوا من المفترض أن يكونوا في أوج عطائهم البدني، وجدوا أنفسهم يغيبون بسبب إصابات عضلية متكررة، وهو ما دفع إدارة النادي إلى الشعور بالقلق تجاه الوضع، خاصة أن هذه الإصابات كانت تعكر صفو الموسم وتؤثر على مسيرة الفريق في البطولات المختلفة.
في ذلك الوقت، بدأ الوضع في غرفة تبديل الملابس يصبح متأزمًا، حيث كانت الأمور تشير إلى أن اللاعبين قد بدأوا يشعرون بضغط مستمر من كثرة الإصابات، وكان هناك تلميحات بأن النادي قد يتخذ قرارات صارمة حيال الأطباء والجهاز الطبي. ونتيجة لهذه الظروف، تصاعدت حالة التوتر بين المسؤولين في النادي، بل إن رئيس النادي، فلورنتينو بيريز، أعرب عن غضبه الشديد بسبب تكرار الإصابات، وهو ما دفعه إلى اتخاذ بعض الإجراءات لتخفيف حدة هذا الضغط.
لكن في ديسمبر، بدأ الوضع يتغير بشكل تدريجي. تحسنت الأمور بشكل ملحوظ بفضل التغييرات التي تم إدخالها على مستوى التدريبات والطاقم الطبي. وفقًا للتقارير، كان أحد أبرز هذه التغييرات هو تقليل الحمل التدريبي الذي كان يتحمله اللاعبون، وهو ما سمح لهم بالتعافي بشكل أسرع وأدى إلى تقليل الإصابات. هذه التعديلات تمت تحت إشراف أنطونيو بينتوس، أحد أبرز أفراد الجهاز الفني، الذي كان له دور محوري في تعديل برامج اللياقة البدنية بما يتناسب مع احتياجات اللاعبين ويضمن استمراريتهم في المباريات.
فيما يتعلق بالجهاز الطبي، بدأت الأطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي في العمل بشكل أكثر فاعلية، حيث استفادوا من الفرص التي أتيحت لهم أثناء الرحلات إلى أماكن مثل الدوحة وجدة، وهو ما منحهم وقتًا إضافيًا للاهتمام بالجانب البدني للاعبين. وبفضل هذا التزامن بين التحضيرات البدنية والعلاج الطبيعي، بدأ اللاعبون يحققون تقدمًا ملحوظًا في تحضيرهم البدني، مما ساعد في تقليل معدل الإصابات.
جانب آخر ساعد في تحسين الوضع كان تعزيز قسم التغذية، حيث انضم إيتزيار جونزاليس دي أريبا إلى النادي هذا الموسم، وبدأ يتبنى نظامًا غذائيًا متوازنًا يتماشى مع احتياجات اللاعبين البدنية. أثبت هذا النظام فعاليته بشكل سريع، حيث تبنى العديد من اللاعبين هذا النظام الغذائي الذي ساهم في تقوية عضلاتهم وتحسين قدرتهم على التحمل، مما كان له أثر إيجابي على تقليل الإصابات العضلية.
كما أنه من الواضح أن ريال مدريد أصبح أكثر وعيًا في التعامل مع قسوة الموسم من خلال منح اللاعبين الراحة والوقت الكافي للتعافي بين المباريات. ورغم صعوبة تفادي الإصابات في موسم طويل، فإن هذه التحسينات قد مهدت الطريق لفريق أكثر استقرارًا على الصعيدين البدني والتكتيكي.
ومع استمرار الموسم وتزايد المباريات كل ثلاثة أيام، يبقى من الصعب تجنب الإصابات تمامًا، ولكن مع الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرًا، أصبح من الواضح أن ريال مدريد قد تجاوز الجزء الأصعب من الأزمة التي مر بها، وهو الآن في وضع يسمح له بالاستعداد بشكل أفضل للأشهر الحاسمة في الموسم.
إجمالًا، أصبح الفريق الملكي أكثر استقرارًا من الناحية البدنية والطبية، وهو ما يتيح له التطلع لمستقبل أكثر إشراقًا تحت قيادة كارلو أنشيلوتي.



