بيسيرو.. ملك التعادلات في ميت عقبة يُتقن فن “اللعب على الحافة”

منذ لحظة إعلان نادي الزمالك تعاقده مع البرتغالي جوزيه بيسيرو، انقسمت الآراء ما بين متفائل بخبراته الأوروبية وتجاربه السابقة، وبين متخوف من أسلوبه الذي لا يُراهن كثيرًا على المغامرة الهجومية. ومع مرور الوقت، بدأت ملامح فلسفة الرجل تتضح شيئًا فشيئًا، لتُجيب لغة الأرقام بوضوح: بيسيرو مدرب لا يحب الخسارة، لكنه أيضًا لا يغامر بما يكفي لتحقيق الفوز في كل المناسبات.
في 12 مباراة قاد فيها الزمالك بجميع البطولات منذ توليه المهمة، نجح بيسيرو في تحقيق الفوز خلال 5 مباريات فقط. وبالرغم من أنه لم يتذوق طعم الهزيمة سوى مرة واحدة، إلا أن النسبة الأكبر من نتائجه كانت التعادل، بعدما خرج الفريق بنقطة واحدة في 6 مباريات. هذا يعني ببساطة أن عدد مرات التعادل تحت قيادة بيسيرو تخطى عدد مرات الفوز، وهو ما يُعبر بوضوح عن شخصية مدرب يُفضل السير في “المنطقة الرمادية” بدلاً من الذهاب إلى أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
دفاعيًا، يبدو أن الأمور ليست في أفضل أحوالها، حيث استقبلت شباك الزمالك 10 أهداف خلال 12 مباراة فقط، وهو رقم يعكس صعوبة حفاظ الفريق على نظافة شباكه، حتى أمام خصوم متواضعين. وبالرغم من محاولات التنظيم الدفاعي والاعتماد على التحولات، فإن الفريق نادرًا ما يخرج بـ”كلين شيت”، وهي نقطة تقلق الجماهير التي كانت تأمل في مدرب يضع حلاً جذريًا للأخطاء الدفاعية المتكررة.
أما هجوميًا، فالوضع يبدو مقبولاً إلى حد كبير، فقد سجل الفريق 20 هدفًا في 12 مباراة، بمعدل يقارب هدفين في كل لقاء، وهو رقم جيد بالنظر إلى شكل الفريق والتوازن الذي يحاول بيسيرو فرضه داخل الملعب. لكنه في الوقت ذاته، لا يُخفي حقيقة أن الزمالك يُهدر أحيانًا فرص الفوز بسبب التراجع المبالغ فيه أو التبديلات الحذرة التي تُفقد الفريق أفضليته.
بيسيرو ببساطة، يُجيد اللعب على الحافة. لا يخسر كثيرًا، لكنه لا يُبهر أيضًا. مدرب يُجيد التعامل مع الأزمات، لكنه لا يُجيد صناعة الفارق الحاسم. في زمن تبحث فيه الجماهير عن كرة هجومية ممتعة وانتصارات متتالية، يجد “ملك التعادلات” نفسه دائمًا محل جدل، بين من يُقدر حفاظه على الاتزان، وبين من يرى أن الاتزان وحده لا يكفي لعودة الزمالك إلى القمة.
هل يستمر بيسيرو في الاعتماد على أسلوبه “الآمن”؟ أم أن ضغط الجماهير سيجبره على المجازفة ولو مرة؟ الإجابة في قادم الجولات، لكن المؤكد أن البرتغالي حتى الآن لا يعرف إلا شيئًا واحدًا: “إن لم أفز، فلا بأس أن لا أخسر”.