رافينيا.. من “المنبوذ” إلى “المرعب” في كتالونيا هل تسلبه لعنة بالدي حلم الكرة الذهبية؟

في كرة القدم، هناك لاعبون يصنعون الحدث، وآخرون يصبحون هم الحدث ذاته. رافينيا هذا الموسم لا يلعب فقط بقميص برشلونة، بل يرتدي عباءة الزعامة ويجر الفريق خلفه كما لو كان مايسترو في سيمفونية نارية. تحول مذهل من لاعب كان يُستهزأ به ويُوصف بـ”العبء” الموسم الماضي، إلى نجم يفرض حضوره في الليغا ودوري الأبطال، ويضع اسمه على طاولة المرشحين للكرة الذهبية. لكن، وكأن لكل قصة مجد فصلًا دراميًا، جاءت إصابة أليخاندرو بالدي لتضرب المنظومة في مقتل، وتعيد طرح سؤال مصيري: هل تُطفئ هذه الإصابة شعلة البرازيلي المتقدة؟
من السخرية إلى الزعامة.. انقلاب كتالوني مذهل
رافينيا لم يأتِ هذا الموسم للركض على الخط وتوزيع الكرات العرضية، بل جاء ليقود. اللاعب البرازيلي أصبح ركيزة في مشروع هانز فليك الجديد، بأهدافه الحاسمة وقدرته على صناعة الفارق في المباريات الكبرى، من الكلاسيكو إلى الليالي الأوروبية الثقيلة. لم يعد مجرد جناح تقليدي، بل قائد بفكر هجومي حاد وتأثير نفسي على زملائه، كما اعترف المدرب الألماني نفسه.
تفجّر هجومي لا يُقيد بقدم أو رأس
واحد من أبرز التحولات التي شهدناها هذا الموسم في أداء رافينيا، هي مرونته في الإنهاء: يسجل باليمين، باليسار، وبرأسه، ويعرف كيف يجد الطريق للشباك في اللحظات الحرجة. ضد ريال مدريد في نهائي كأس السوبر كان رجل الحسم، وضد بايرن ميونخ وبنفيكا في دوري الأبطال كان كلمة السر في الهجوم الكتالوني.
ثم جاءت اللعنة: إصابة بالدي تغير كل شيء
لكن منذ إصابة الظهير الشاب أليخاندرو بالدي في 12 أبريل، بدأ المنحنى ينحدر. ليس لأن رافينيا فقد مهاراته، بل لأن المنظومة حوله تخلخلت. غياب بالدي سحب البساط من تحت قدميه، فاختفى الانسجام، واختنقت المساحات التي كان يستغلها ليبدع. الجهة اليسرى التي كانت ممرًا للإبداع، تحولت لعبء تكتيكي، واضطر رافينيا للتراجع أكثر لمساندة الدفاع وبناء الهجمة، بدلًا من التفرغ للضربات القاضية في الثلث الأخير.
الخطأ ليس في رافينيا، بل في غياب من يُكمله
دائمًا ما كان بالدي يمنح رافينيا راحة بدنية وتكتيكية، يخلق له التوازن المطلوب، ويشاركه المرتدات المدمرة، كما حدث في الهدف الرابع بكلاسيكو السوبر. مع بديله جيرارد مارتن، تقلصت جودة الدعم، وافتقرت الجبهة اليسرى للمسة الذكاء، مما أجبر رافينيا على القيام بأدوار لا تناسبه، فكان طبيعيًا أن تهبط أرقامه.
ليفاندوفسكي.. شريك إبداع لا يُعوّض بسهولة
ولا ننسى خروج روبرت ليفاندوفسكي من بعض المباريات بسبب الإصابة، وهو الذي لطالما وفّر المساحات لرافينيا بانسحاباته الذكية من منطقة الجزاء، كما فعل في هدف السوبر ضد ريال مدريد. الشراكة بين الاثنين كانت مفصلية، ومع غياب البولندي، فقد البرازيلي نصف قوته الهجومية.
أداء مخيب ضد الريال ومصير مجهول في أوروبا
آخر ظهور أمام ريال مدريد في كلاسيكو الدوري كان باهتًا، فرص بالجملة ضاعت، ولم يكن رافينيا ذلك القاتل الهادئ الذي نعرفه. الإنهاء كان مرتبكًا، والتركيز غائبًا، وربما الخوف من ضياع الحلم بدأ يتسلل إليه.
الكرة الذهبية في خطر؟
نعم، رافينيا مرشح قوي للكرة الذهبية، خاصة إن قاد برشلونة نحو ثلاثية تاريخية تغيب عن النادي منذ عقد كامل. أرقامه الفردية قوية، شخصيته القيادية تُحسب له، وطريق التتويج لا يزال مفتوحًا. لكن لو استمر الوضع الحالي—بلا بالدي، بلا ليفاندوفسكي، وبلا دعم حقيقي من الفريق—فقد يكون الموسم الذهبي مجرد “ما كان يمكن أن يكون”.
الختام: 8 مباريات لتحديد المصير
أمام رافينيا الآن 8 مباريات: 3 في دوري الأبطال حال التأهل، و5 في الليغا. كل مباراة بمثابة نهائي، وكل لمسة قد تضعه إما في قمة العالم أو تُلقي به خارج سباق الكرة الذهبية. الكرة في ملعبه، حرفيًا ومجازًا.
هل يستعيد رافينيا البريق في الوقت المناسب؟ أم تكون لعنة بالدي أقوى من حلم المجد؟ الأيام القادمة وحدها تملك الإجابة.