فيفا جارنتشو.. حينما يهتف أولد ترافورد باسم الأمل

في ليلة مُفعمة بالشغف والحماسة، حيث علت أصوات الجماهير في أرجاء ملعب أولد ترافورد، كان المشهد استثنائيًا. هتافات “فيفا جارنتشو” دوت في مدرجات “ستريتفورد إند”، بينما رفرف علم الأرجنتين، في تعبير واضح عن الحب والتقدير لأحد ألمع مواهب مانشستر يونايتد، أليخاندرو جارنتشو. لم يكن الأمر مجرد لحظة احتفاء بلاعب موهوب، بل رسالة صريحة لإدارة النادي: “هذا اللاعب ليس مجرد موهبة عابرة يمكن التفريط فيها”.
مانشستر يونايتد لطالما كان معقلًا للقتال والعزيمة، ومن هنا جاءت مكانة اللاعبين الأرجنتينيين الذين مثلوا النادي بأدائهم القوي وشخصيتهم الملهمة داخل الملعب. أسماء مثل كارلوس تيفيز وغابرييل هاينزه تركت بصمة واضحة، والآن جاء الدور على جارنتشو ليكون رمزًا جديدًا لهذا الإرث.
جارنتشو ليس مجرد جناح يمتلك سرعة خارقة وقدرة استثنائية على اختراق الدفاعات. بل هو أكثر من ذلك. هو لاعب يمثل الأمل والتجديد لجماهير يونايتد التي طالما عانت من انعدام الاستقرار والتراجع في السنوات الأخيرة. الأداء اللافت الذي قدمه أمام رينجرز في الدوري الأوروبي لم يكن مجرد مباراة جيدة، بل عرض لموهبة نادرة تنتظر الصقل والتطور. في كل لمسة، في كل انطلاقة على الجناح، كان هناك وعد بأن المستقبل يحمل الكثير لهذا اللاعب الشاب.
لماذا لا يمكن بيع جارنتشو؟
تصريحات المدرب روبين أموريم حول اللاعب لم تكن واضحة بخصوص استمراره، لكنها حملت تقديرًا كبيرًا لتطوره. أموريم أكد أن جارنتشو يتحسن باستمرار، سواء من حيث تغيير المراكز أو القيام بالأدوار الدفاعية، وهي إشادة تشير إلى أن اللاعب يملك إمكانيات هائلة يمكن البناء عليها.
إحصائيًا، لا يوجد لاعب في مانشستر يونايتد يسدد على المرمى أكثر من جارنتشو. في آخر مباراتين فقط، كان الأكثر محاولة للوصول إلى الشباك، مما يعكس دوره الحاسم في تحسين الأداء الهجومي للفريق. بفضل سرعته ومهارته في تجاوز المدافعين، يُضيف ديناميكية هجومية مفقودة، وهو ما يجعل التفكير في بيعه أمرًا لا يُصدق من الناحية الرياضية.
لكن الأزمة لا تتوقف عند الأرقام. بيع جارنتشو، حتى لو ساعد النادي في حل مشاكله المالية أو الالتزام بقواعد اللعب المالي النظيف، يعكس فشلًا إداريًا أكثر من كونه ضرورة رياضية. كيف لنادٍ بحجم مانشستر يونايتد، الذي طالما كان رمزًا للقوة الاقتصادية في كرة القدم العالمية، أن يصل إلى مرحلة يفكر فيها ببيع أحد أعظم مواهبه الشابة؟
الجماهير، بترديدها لهتافات “فيفا جارنتشو”، لم تكن فقط تعبر عن حبها للاعب. بل كانت تحتج على إدارة تبدو غير قادرة على الحفاظ على المواهب وصناعة فريق تنافسي. جارنتشو بالنسبة لهم ليس مجرد جناح شاب يجيد المراوغة والتسديد. إنه رمز للأمل في مستقبل أفضل لنادٍ عاش أعوامًا من التخبط.
رسالة الجماهير والإدارة في مفترق طرق
مانشستر يونايتد لا يحتاج إلى بيع جارنتشو، بل إلى بناء فريق حول مواهبه الشابة. الجماهير تعرف ذلك، وهتافاتها رسالة واضحة للإدارة: “هذا اللاعب يمثلنا، يمثل تطلعاتنا وأحلامنا”. التفكير في بيعه لن يُصلح الأزمات المالية، بل سيُعمق الجراح ويزيد من الفجوة بين الإدارة والجماهير.
في النهاية، بيع جارنتشو سيكون بمثابة اعتراف بفشل إدارة النادي في الحفاظ على أهم أصوله. هذا القرار، لو اتُخذ، سيكون صفحة جديدة في كتاب أخطاء الإدارة التي أثرت على النادي لعقد من الزمن. لكن على الجانب الآخر، الاحتفاظ به وبناء فريق حوله قد يكون البداية لمسار جديد يعيد يونايتد إلى مكانته الطبيعية، ليس فقط كأحد أعظم أندية العالم، بل كمنارة لكرة القدم التي تعيش على الشغف والمواهب.
أليخاندرو جارنتشو ليس مجرد لاعب كرة قدم. هو رمز لجيل جديد من المواهب، وبيع هذا الرمز لن يكون خسارة رياضية فقط، بل خسارة لهوية النادي وروحه التي تعيش في هتافات الجماهير.