كارلو أنشيلوتي.. الساحر الذي صنع مجد ريال مدريد ويودّعه بخيبات موجعة
.رحلة بدأت بالبريق، والبطولات، والهيبة، وتنتهي اليوم بصدمات، وإخفاقات، وأسئلة تبحث عن إجابات. الرجل الذي صنع للتاريخ سطرًا جديدًا في كتاب المجد المدريدي، أصبح قاب قوسين أو أدنى من مغادرة البيت الملكي، وسط حالة من الجدل والانقسام بين الجماهير والمحللين.
أنشيلوتي، الذي عاد لإنقاذ ريال مدريد في وقتٍ كان فيه الفريق يترنح، صنع ما يشبه المعجزة في ولايته الثانية. توّج بدوري أبطال أوروبا في موسم إعجازي، أطاح فيه بكبار القارة، واستعاد لقب الليغا بهدوءٍ القائد المخضرم. لكن كل هذا المجد، يبدو أنه لم يكن كافيًا لحمايته من السقوط في موسم 2025، الذي شهد انهيارًا تدريجيًا، وخسائر لم يعتدها الإيطالي، ولا جمهور سانتياجو برنابيو.
البداية.. كاريزما الهدوء بعد عاصفة مورينيو
في صيف 2013، حطّ كارلو أنشيلوتي رحاله في مدريد، خلفًا للمدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي خرج من النادي بعد خلافات مع اللاعبين والإدارة والإعلام. وجد الإيطالي غرفة ملابس ملتهبة، وصورة النادي ملوثة بمشاكل علنية، لكن بخبرته وهدوئه، استطاع أن يعيد ترتيب الأوراق.
وفي أول مواسمه، قاد الفريق للتتويج بالكأس الغالية، دوري أبطال أوروبا “العاشرة”، بعد 12 عامًا من الانتظار. ريمونتادا راموس الشهيرة أمام أتلتيكو مدريد كتبت سطرًا خالدًا باسمه. ومعها حقق كأس ملك إسبانيا، ليصنع ثنائية تاريخية أعادت الهيبة إلى خزائن مدريد.
لكن كما هي عادة الكرة، لم تدُم الأفراح طويلًا. ففي الموسم التالي، ورغم بدايته القوية، انهار الفريق تدريجيًا، وخرج من كل البطولات، ليتم إعلان نهاية ولايته الأولى.
من إيفرتون إلى مدريد.. العودة غير المتوقعة
بعد محطات صعبة مع بايرن ميونخ ونابولي، ثم تجربة متواضعة مع إيفرتون، لم يتوقع أحد عودة أنشيلوتي لريال مدريد. ولكن، حين نادى بيريز، لبّى كارلو النداء.
عاد إلى فريق مختلف، بلا كريستيانو رونالدو، وبنجوم يعانون من الشكوك، مثل فينيسيوس وبنزيما. لكن ما فعله في أول موسم له بالولاية الثانية كان إعجازًا بكل المقاييس.
حقق الليغا، وتوّج بدوري الأبطال في سيناريوهات هوليوودية أمام باريس سان جيرمان، وتشيلسي، ومانشستر سيتي، قبل أن يحسم النهائي أمام ليفربول. وتحوّل بنزيما، من لاعب يُنتقد، إلى أفضل لاعب في العالم، بفضل دعم وثقة أنشيلوتي.
الموسم المظلم.. حين تنقلب الطاولة
لكن الموسم الحالي، كان مختلفًا. خسر الفريق السوبر الإسباني ضد برشلونة، ودّع كأس الملك أمام نفس الغريم، وخسر الدوري بنسبة كبيرة لصالح البلوجرانا بقيادة المدرب الألماني هانز فليك، الذي أعاد التوازن لبرشلونة. والأدهى، أنه خسر 3 مباريات كلاسيكو في موسم واحد، وهو أمر لم يمر مرور الكرام على أنصار الملكي.
بدأت الانتقادات تنهال على كارلو، ليس فقط بسبب النتائج، ولكن لتصريحاته، وطريقة تعامله مع بعض النجوم. أصوات الغضب ظهرت من فينيسيوس ومبابي ورودريجو، تلميحات باردة تعبّر عن عدم الرضا. وفي الوقت نفسه، أصبحت الكروت الحمراء تتكرر بشكل لافت، وكأن الفريق فقد السيطرة والانضباط داخل الملعب.
كارلو بدا أضعف من أن يحتوي تلك الأزمات، وفقد شيئًا من هيبته التي كانت تهدئ العواصف. إدارة ريال مدريد، وعلى رأسها فلورنتينو بيريز، لم تخرج ببيانات حاسمة، لكنها تدرك جيدًا أن الفريق لم يعد كما كان تحت قيادته.
نهاية أسطورة.. ولكن بكرامة
رغم كل ما حدث، لا أحد ينكر ما فعله أنشيلوتي لريال مدريد. هو المدرب الأكثر تتويجًا في تاريخ النادي، وصاحب الأرقام التاريخية، والذكريات الخالدة. حتى وإن كانت النهاية حزينة، فهي لا تمحو الأمجاد.
ربما يرحل كارلو في الصيف، وربما يُمنح فرصة أخيرة. لكن ما هو مؤكد، أن ريال مدريد يطوي صفحة عظيمة في تاريخه، صفحة بدأت بالعاشرة، وانتهت بموسم من الخيبات.
لكن يبقى السؤال: هل ستندم الجماهير على رحيله؟ أم أن الوقت قد حان لحقبة جديدة بعد أن نفد السحر؟



