أهم المباريات
جاري تحميل جدول المباريات
شاهد كل المباريات
آخر الأخبارالأندية

لويس إنريكي… الرجل الحقيقي في زمن الأقنعة

في زمنٍ صارت فيه كرة القدم مسرحًا كبيرًا للأقنعة، يظهر من بينهم شخص واحد فقط لا يُجيد إلا أن يكون على طبيعته، دون تكلّف، دون تصنّع، دون مجاملة رخيصة. رجل لا يتبدل حسب التيار، ولا يُغير أقواله حسب الجمهور، ولا يخشى قول الحقيقة ولو أغضبت الجميع… إنه لويس إنريكي، الرجل الحقيقي في عالم مزيف.

ربما لم ينجح في تجربته الأولى مع روما، حين قضى موسمًا باهتًا في الأوليمبيكو وانتهى به الحال بالمركز السابع، لكن جماهير الذئاب خرجت من التجربة بدرس إنساني: “لويس إنريكي رجل حقيقي في عالم مزيف”. لم يكن مدربًا ناجحًا حينها، لكنه كان صادقًا، واضحًا، نظيفًا… وهذه الصفات لا تُمنح بسهولة في هذا الوسط.

رجل لا يخشى الغضب:

بعد فوز باريس سان جيرمان على آرسنال وعبوره إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، لم يتردد لويس إنريكي في التعبير عن رأيه بوضوح: “كنت لا أتمنى مواجهة برشلونة في النهائي”. تصريح جريء، صادق، ومؤلم لجمهور اعتاد أن يُصفق للمجاملين، لا للصادقين. لكن إنريكي لا يساير أحدًا، يقول ما يشعر به، ويتحمل التبعات.

المدرب الإنسان:

في أحد المؤتمرات الصحفية، وبين زحام الكاميرات وصخب الأسئلة، لاحظ إنريكي وجود صحفي شاب يحضر مؤتمره الأول، فرفض مغادرة القاعة قبل أن يمنحه فرصة الحديث. ليس هذا فحسب، بل شجعه وأشاد بسؤاله واعتبره الأفضل في المؤتمر. تصرّف بسيط، لكنه عبّر عن معدن نادر، عن رجل يدرك قيمة التحفيز والدعم في بدايات الطريق.

المدافع عن المهنية:

في عز هجوم الجماهير على الصحفي روبن أوريا بسبب آرائه الجريئة تجاه برشلونة، خرج لويس إنريكي ليدافع عنه قائلًا: “قد تختلف معه، لكنه يؤدي عمله بمهنية”. لم يكن التصريح مطلوبًا منه، ولم يكن مجبرًا على الوقوف في صف الصحفي، لكنه فعلها لأنه يحترم المبدأ… لأن الرجل الحقيقي لا يصمت أمام التنمّر الجماهيري.

أنا القائد… انتقدوني أنا فقط:

بعد خروج منتخب إسبانيا من يورو 2020، ووسط عاصفة الانتقادات، خرج إنريكي ليعلن بصدر رحب أنه وحده يتحمل المسؤولية. لم يُلقِ اللوم على لاعبيه أو مساعديه، لم يتحدث عن الحظ أو التحكيم. فقط قال: “انتقدوني أنا، فأنا القائد”. موقف شجاع لا يصدر إلا عن رجل يعرف معنى القيادة.

الضربة التي لم تكسره:

في مارس 2019، انسحب لويس إنريكي من تدريب منتخب إسبانيا لأسباب شخصية، ليُعلن لاحقًا أن السبب هو مرض ابنته الصغيرة زانا. رحلت زانا عن الدنيا بعد صراع مع المرض، لكنها بقيت حية في قلب والدها. في وثائقي مؤثر قال: “زانا لا تزال ترانا… إنها ليست هنا جسديًا، لكنها تعيش بيننا”. كلمات تنضح بالحب، بالحزن، بالقوة، برجل لم يسمح للمأساة أن تُغرقه.

الخصم المحترم والروح الرياضية:

في كأس العالم 2022، ورغم الخروج المؤلم من المغرب، لم يتردد لويس إنريكي في الإشادة بعز الدين أوناحي، وقال: “الرقم 8 مذهل، لم يتوقف عن الركض”. هكذا هو دائمًا، لا يُهين خصومه، ولا يبحث عن أعذار. يحترم اللعبة، ويُقدّر من يتفوق عليه.

اللاعب السابق.. الصديق الوفي:

مايكل لاودروب، زميله السابق في برشلونة، لخص شخصية إنريكي بقوله: “لا يهتم بما يقوله الناس عنه، ولهذا أحيانًا يُفهم بشكل خاطئ”. هذه الجملة تُجسد الرجل الذي لا يُغير شخصيته لإرضاء أحد. سواء كان في صدام مع الإعلام أو خلاف مع تشافي، يظل إنريكي ثابتًا، حقيقيًا، لا يتزحزح.

ختامًا:

في عالم يتغيّر فيه كل شيء كل لحظة، ويبيع فيه البعض مبادئهم من أجل منصب أو تصفيق، يبقى لويس إنريكي كما هو: لا يبيع، لا يُساوم، لا يُجامل. رجلٌ قد لا يكون الأفضل تكتيكيًا دائمًا، لكنه الأفضل إنسانيًا. رجل حقيقي في زمن الأقنعة… وللأسف، هذا أصبح نادرًا.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى