مانشستر سيتي.. من قمة أوروبا إلى دوامة التراجع ما الذي يحدث؟

عندما تذكر اسم مانشستر سيتي، فإن أول ما يخطر ببالك هو السيطرة الكاملة على الكرة الإنجليزية في السنوات الأخيرة، فريق حطم كل الأرقام القياسية، واستحوذ على جميع البطولات الكبرى، وصولًا إلى المجد الأوروبي الذي تحقق لأول مرة في تاريخ النادي مع تتويجه بدوري أبطال أوروبا. لكن، هذا الموسم يبدو أن شيئًا ما تغير. فجأةً، تحولت الصورة المهيبة للفريق الذي اعتدنا عليه إلى فريق يعاني، فريق يخسر مبارياته بسهولة ويتراجع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي. ما الذي حدث؟ كيف يمكن لفريق سيطر على الكرة العالمية أن يتحول إلى فريق يعاني من أزمة هوية وأداء؟
17 مباراة، 6 هزائم: موسم للنسيان؟
حتى الآن، خاض مانشستر سيتي 17 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولكنه خسر في 6 منها وتعادل في 3، وحقق الفوز في 8 فقط. النتائج المخيبة وضعت الفريق في المركز السادس، بعيدًا عن صدارة الدوري التي كانت محجوزة له في السنوات السبع الأخيرة. هذه الإحصائيات لا تعكس فقط أزمة نتائج، بل تكشف عن أزمة أعمق داخل الفريق. هذه الأرقام لا تليق بفريق بقيادة بيب جوارديولا، الرجل الذي يُعتبر من أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم.
ما الذي تغير؟ اللاعبين أم المدرب؟
المعلق الجزائري حفيظ دراجي وصف الوضع بدقة: “برناردو سيلفا لم يعد برناردو سيلفا، وهالاند لم يعد هالاند، وكيفين دي بروين لم يعد كيفين دي بروين، وكل لاعبي السيتي لم يعودوا لاعبي السيتي، حتى بيب جوارديولا لم يعد بيب جوارديولا.” هذا الوصف يلخص حالة الفريق الحالي، ولكن يبقى السؤال: لماذا حدث هذا التراجع؟
1. الإرهاق الذهني والجسدي
بعد تحقيق الدوري الإنجليزي 7 مرات متتالية والتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، قد يكون الفريق وصل إلى مرحلة الإرهاق الذهني والجسدي. اللاعبون قدموا كل شيء على مدار سنوات طويلة، وربما لم يعد لديهم نفس الشغف والرغبة في تقديم المزيد. هذا الإرهاق يظهر جليًا في أداء اللاعبين على أرض الملعب.
2. فقدان الدافع
عندما تحقق كل الألقاب الممكنة، يصبح من الصعب إيجاد دافع جديد للاستمرار بنفس القوة. ربما يعاني لاعبو مانشستر سيتي من حالة من التشبع، حيث لم يعد لديهم الحافز الكافي للقتال كما كانوا يفعلون في المواسم السابقة.
3. الاعتماد الزائد على نجوم الفريق
الإصابات التي ضربت بعض اللاعبين الأساسيين، مثل كيفين دي بروين، أثرت بشكل كبير على أداء الفريق. دي بروين كان القلب النابض لمانشستر سيتي، وغيابه ترك فراغًا كبيرًا. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إرلينج هالاند، الذي كان ماكينة تهديف لا تتوقف الموسم الماضي، يعاني من تراجع واضح في مستواه.
4. تأثير بيب جوارديولا
لا يمكن تجاهل دور المدرب في هذا التراجع. بيب جوارديولا هو من أفضل المدربين في تاريخ اللعبة، ولكن حتى أفضل المدربين قد يصلون إلى مرحلة يفقدون فيها القدرة على تحفيز لاعبيهم. أسلوب بيب المعقد والمطالب العالية قد تكون أرهقت اللاعبين نفسيًا.
5. المنافسة القوية في الدوري الإنجليزي
الدوري الإنجليزي دائمًا كان صعبًا، ولكن هذا الموسم يبدو أن المنافسة أصبحت أكثر شراسة. الفرق الأخرى استفادت من تراجع مستوى مانشستر سيتي وبدأت في تحقيق نتائج إيجابية أمامه.
هل تتم إقالة بيب جوارديولا؟
رغم كل التحديات التي يواجهها مانشستر سيتي هذا الموسم، فإن الحديث عن إقالة بيب جوارديولا يبدو غير منطقي. جوارديولا لم يكن مجرد مدرب عادي للنادي، بل كان المهندس الذي بنى هذا الفريق القوي. إذا كانت هناك أزمة، فإن الحل يبدأ بإيجاد طريقة لإعادة الحماس إلى الفريق. إدارة النادي تدرك تمامًا قيمة جوارديولا، ومن غير المرجح أن تتخذ قرارًا متسرعًا بإقالته.
لكن، إذا استمر التراجع بنفس الوتيرة، فإن الضغوط ستزداد على المدرب. كرة القدم لا تعترف بالماضي، والجماهير دائمًا تطلب المزيد. إذا فشل مانشستر سيتي في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى أو الخروج بلقب كبير، فقد يتم إعادة النظر في مستقبل جوارديولا مع الفريق.
هل انتهت أسطورة مانشستر سيتي؟
الإجابة على هذا السؤال تعتمد على كيفية تعامل الفريق مع الأزمة الحالية. إذا تمكن النادي من إعادة ترتيب أوراقه والعودة إلى مستواه المعتاد، فإن هذه الفترة ستُعتبر مجرد كبوة عابرة. لكن إذا استمر التراجع، فقد نشهد نهاية لأسطورة الفريق الذي سيطر على كرة القدم الإنجليزية لسنوات.
تحول من بطل أوروبا إلى فريق يخسر من الجميع؟
لا يمكن إنكار أن مانشستر سيتي يعاني هذا الموسم، ولكن من السابق لأوانه القول إنه تحول إلى فريق يخسر من الجميع. الفريق ما زال يمتلك الجودة والقدرات التي تجعله قادرًا على العودة. كل ما يحتاجه هو إيجاد الحافز والتركيز مجددًا.
خاتمة: أمل في الأفق؟
مانشستر سيتي يمر بواحدة من أصعب فتراته منذ سنوات، لكن التاريخ أثبت أن الفرق الكبرى تعرف كيف تعود. ربما يحتاج الفريق إلى بعض التغييرات، سواء في طريقة اللعب أو حتى في بعض العناصر الأساسية. المهم الآن هو أن يتحلى اللاعبون والإدارة بالصبر، وأن يستعيدوا الشغف الذي جعلهم يسيطرون على كرة القدم. أما بالنسبة لبيب جوارديولا، فإن التحدي الحقيقي يكمن في إثبات أنه ليس فقط مدربًا كبيرًا عندما تسير الأمور بشكل جيد، بل أيضًا قائد يمكنه إخراج فريقه من الأزمات.