كولر بين الإنصاف والانتقاد.. رحلة نجاح مستحقة أم أهداف أكبر؟

على مر السنين، اعتاد جمهور النادي الأهلي على التفوق محليًا وقاريًا، حتى أصبح الفوز جزءًا من هوية النادي، وأي تراجع يُقابل بغضب واستنكار، وهو أمر طبيعي لجمهور فريق يُلقب بـ”نادي القرن”. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بمارسيل كولر، مدرب الأهلي الحالي، يبدو أن الأمور تأخذ منحى مختلفًا، فبينما يحتفل البعض بالإنجازات الكبيرة التي حققها الرجل في وقت قياسي، يقف آخرون في صف الانتقاد، مطالبين برحيله أو التشكيك في كفاءته.
لكن، إذا وضعنا العاطفة جانبًا، وركزنا على الحقائق، هل من المنطقي أن يتم انتقاد مدرب حقق 11 بطولة في سنتين؟ مدرب نجح في إعادة الأهلي إلى مكانته الطبيعية كملك إفريقيا ومتسيد للمحافل المحلية، بل وأصبح قريبًا من أن يُقارن بأسطورة النادي، مانويل جوزيه؟ أم أن الانتقادات تأتي نتيجة غياب رؤية واضحة لما يواجهه الرجل من تحديات وصعوبات داخل وخارج الملعب؟
النجاح بالأرقام.. كولر بين الحاضر والماضي
في سنتين، حقق مارسيل كولر 11 بطولة مع الأهلي، ليصبح ثالث أكثر المدربين نجاحًا في تاريخ النادي بعد مانويل جوزيه وجميل عثمان، هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاجًا لعمل شاق وجهد متواصل في ظل ظروف صعبة.
كولر قاد الأهلي للتتويج بلقب دوري أبطال إفريقيا مرتين متتاليتين، كما حقق كأس مصر، السوبر المصري، والدوري المصري الممتاز، ليعيد للأهلي هيبته المحلية والقارية، ورغم كل هذه الإنجازات، إلا أن الرجل يواجه انتقادات لا تنتهي.
إذا نظرنا إلى إنجازات مانويل جوزيه، أسطورة الأهلي، سنجد أنه حقق 20 بطولة في 8 سنوات على مدار ثلاث ولايات، كولر، في المقابل، حقق 11 بطولة في سنتين فقط، أي ما يعادل أكثر من نصف بطولات جوزيه في ربع المدة فهل هذا ليس كافيًا لمنحه التقدير الذي يستحقه؟
تحديات الإدارة والمعجزات المنتظرة
بعيدًا عن الإنجازات، يعمل كولر في ظروف ليست مثالية الفريق يعاني من غياب حلول هجومية كافية، خاصة بعد رحيل محمد شريف وإعارة أحمد عبد القادر أضف إلى ذلك فشل إدارة النادي في إتمام صفقات أساسية كان المدرب يحتاجها، مثل صفقة محمد بن رمضان التي تعثرت لأسباب مالية.
على الرغم من ذلك، تمكن كولر من تحقيق نتائج مذهلة، فاز على اتحاد جدة السعودي في كأس العالم للأندية، اكتسح الزمالك بنتيجة 4-1، وأمطر شباك الترجي التونسي بثلاثية نظيفة في قلب تونس، هذه النتائج تُظهر قدرة الرجل على التعامل مع التحديات بمرونة وذكاء.
ومع ذلك، يبقى السؤال: كيف سيكون أداء كولر إذا حصل على الدعم اللازم من الإدارة؟ إذا نجح النادي في تعزيز صفوف الفريق بصفقات قوية في يناير، فربما نشهد معجزات جديدة تحت قيادة هذا المدرب الاستثنائي.
الانتقادات غير المنطقية.. الصورة الكبيرة التي لا يراها البعض
الانتقادات الموجهة لكولر غالبًا ما تركز على الأخطاء الفردية أو الأداء غير المرضي في بعض المباريات، لكنها تغفل الصورة الكبيرة، الرجل يتعامل مع فريق مليء بالمشاكل الفنية والإدارية، ومع ذلك يحقق نتائج تفوق التوقعات.
إذا قارنا موقف كولر بموقف مانويل جوزيه، سنجد أن الأخير تعرض لخسائر مؤلمة في دوري أبطال إفريقيا خلال ولايته الثانية، ولم يحقق شيئًا يُذكر في كأس العالم للأندية سوى برونزية واحدة ومع ذلك، لم يُطالب أحد برحيله، بل ظل يُعتبر أسطورة النادي.
كولر، من جهة أخرى، أثبت أنه قادر على تحقيق النجاحات في ظل أصعب الظروف ورغم ذلك، يواجه انتقادات حادة من بعض الجماهير والإعلام، وكأن الإنجازات التي حققها لا تكفي لإسكات المشككين.
مارسيل كولر… الرهان الذي يجب أن يستمر
مارسيل كولر ليس مجرد مدرب ناجح، بل هو مشروع طويل الأمد للنادي الأهلي، الرجل أثبت قدرته على تحقيق البطولات وإعادة الفريق إلى القمة، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها.
لكن النجاح في كرة القدم لا يعتمد فقط على المدرب، بل يحتاج إلى منظومة متكاملة، إذا أرادت إدارة الأهلي أن تستمر في تحقيق الإنجازات، فعليها أن تدعم كولر بصفقات قوية وتمنحه الثقة الكاملة.
أما بالنسبة للجماهير، فعليها أن ترى الصورة الكبيرة. كولر ليس مجرد مدرب عابر، بل هو أحد أفضل المدربين الذين قادوا الأهلي في تاريخه، ومع قليل من الصبر والدعم، قد نشهد عهدًا ذهبيًا جديدًا تحت قيادته.
في النهاية، كرة القدم تُحسم بالأرقام، والأرقام تقول إن كولر هو المدرب الذي يستحق أن يُراهن عليه.



