أهم المباريات
جاري تحميل جدول المباريات
شاهد كل المباريات
آخر الأخبارالأنديةالأهلي

وداعًا كولر… المدرب الذي شاهد تحولي من مشجع إلى صحفي

في سبتمبر من عام 2022، بينما كنت لا أزال طالبًا في المرحلة الثانوية، دخل اسم “مارسيل كولر” إلى يومياتي اليومية دون أن أدري أنه سيترك أثرًا عميقًا في وجداني كمشجع وكصحفي ناشئ.

الأهلي حينها كان يبحث عن استعادة هيبته بعد سلسلة من الاضطرابات الفنية، وجاء السويسري العجوز محمّلاً بسيرة ذاتية ثقيلة، مدعومة بإنجازات واقعية، وليس بمجرد حديث نظري عن أمجاد بعيدة.

كولر لم يكن مدربًا عاديًا، الرجل الذي أعاد منتخب النمسا إلى الواجهة، وصنع المعجزات مع سانت جالين قبل أكثر من عقدين، لم يكن مجرد أداة للفوز بالمباريات، كان مشروعًا متكاملًا لبناء الشخصية والانضباط والروح داخل الفريق وخارجه.

حين بدأ، كنت لا أزال واحدًا من جمهور المدرجات، أشجع بحماس طالب في السابعة عشرة، أتنقل بين المدرجات والمذاكرة، أتنفس الأهلي كما يتنفس طالب يحلم بنجاحه الدراسي ثم جاءت مرحلة جديدة من حياتي، دخلت مجال الصحافة الرياضية، وصارت علاقتي بالأهلي –وبمارسيل كولر تحديدًا– أعمق وأقرب.

لم أعد أراه من بعيد وسط الأهازيج، بل صرت أتابع خطواته عن قرب، من مقصورة الصحفيين ومن قاعات المؤتمرات الصحفية، حتى أصبحت جزءًا من تفاصيل يومه الكروي.

ميزة كولر بالنسبة لي لم تكن فقط في بطولاته وأرقامه، بل كانت في شخصيته الحقيقية خلف الكواليس.

ربما لم أكن أجيد الألمانية بطلاقة، لكن بفضل دراستي لها وبعض الدورات التي التحقت بها، استطعت أن أتواصل معه بشكل مباشر دون الحاجة إلى مترجم.

مجرد كلمة بسيطة بالألمانية كانت ترسم على وجهه ابتسامة صادقة، تلك الابتسامة التي لا يصطنعها إلا شخص اعتاد الصراحة والتقدير.

أتذكر آخر لقاء جمعني به جيدًا كان هناك شعور غير مريح يتسلل إلى أجواء النادي.

حدسي كمشجع وملاحظتي كصحفي اجتمعا ليؤكدا لي أن شيئًا ما لا يسير كما ينبغي قولت له منه خلال المؤتمر الصحفي:”تذكر أننا من شهور تعادلنا مع أورلاندو في جنوب إفريقيا ولم ننتصر في القاهرة، والأمر قد يتكرر مع صن داونز”.

لم أكن أتوقع أن تلك اللحظة ستصبح ذكرى مؤلمة فيما بعد، حين خسرنا بطولات كانت أقرب إلينا من حبل الوريد.

اليوم، ومع إعلان رحيل كولر رسميًا، أشعر أن جزءًا من رحلتي الشخصية مع الأهلي قد انتهى أيضًا.

لم يكن كولر مجرد مدرب مر على الأهلي، بل كان شاهدًا على مرحلة تحولي من طالب يحلم إلى صحفي يسعى خلف الخبر والكلمة.

رحيل كولر ليس مجرد تغيير فني على الدكة هو وداع لرجل جاء إلينا في زمن الارتباك، فأعاد بعض النظام إلى قلوبنا قبل أن يعيد الانتصارات إلى خزائننا.

هو وداع لمدرب لم يستسلم لضغوط الجماهير أو لحسابات الإدارة، بل كان دائمًا مخلصًا لفلسفة الالتزام والعمل الصامت.

في النهاية، قد ينسى البعض أسماء المدربين مع مرور السنوات، لكنني أعلم جيدًا أن اسم مارسيل كولر سيظل محفورًا في ذاكرتي، ليس فقط بسبب ما حققه من ألقاب، بل لأنه كان جزءًا حقيقيًا من قصتي الشخصية مع الأهلي… من مقاعد الثانوية العامة إلى قاعات الصحافة.

وداعًا كولر… كنت أكثر من مجرد مدرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى