أهم المباريات
جاري تحميل جدول المباريات
شاهد كل المباريات
آخر الأخبارأوروبيةالدوري الإنجليزي

تقرير: بيب جوارديولا ومانشستر سيتي.. عودةٌ لِعَصر مُسيلمَة الكَذاب

ينتاب الكثير من المتابعين لنادي مانشستر سيتي، ولمدربهم الإسباني بيب جوارديولا شعورًا قد يبدوا صادقًا لوهلةٍ،  (هذا الموسم هو أفضل مواسم بيب التكتيكية منذ حطت قدماه أراضي الإنجليز)، لقد شعر المتابعون بذروة بيب، وانتقل مصطلح “المهاجم الوهمي” من لفظ قد يبدوا سخيفا فقد معناه وتوهجه بالنسبة للكثيرين -خاصة مع إنتشاره في حناجر المحللين على مستوى العالم- ليتحول إلى شئ يبني عليه خطط فريق صلب كمانشستر سيتي، تحول بالتدريج  من الخطة ب إلى الخطة أ في نهج بيب جوارديولا، من تكتيك قد يكشف عنه النقاب أحيانا إلى تكتيك لا يمكن للخصوم التنبؤ به؛ هم فقط يشاهدون ويستمتعون.

 

من ميسي إلى خمسة لاعبين.. لأن الكذب قد يبدوا أكثر صدقًا

في برشلونة، كان دائمًا ليونيل ميسي هو الكاذب في الملعب، بدأها بيب معه في مباراة البرنابيو 6-2 الشهيرة، يقول بيب في فيديو تسجيلي قديم: “حينما يفكر الدفاع في الخروج من أجل مقابلة ميسي، تصبح المنطقة خلف الظهيرين مفتوحة تماما، وهذا كان السبب الرئيسي في ظهور هنري بالمستوى الإعجازي في البرنابيو، بسبب انشغال الجميع بالفوضى التي أوجدها تمركز ميسي بالعمق”.

أما في ملعب الإتحاد فيبدوا الأمر مختلفًا قليلًا.. لقد لعب كل من رياض محرز وفيل فودين وبرناردو سيلفا وكيفين دي بروين دورهم كرأس حربة وهمي، كما قام رحيم سترلينج وفيران توريس باللعب في منتصف الملعب الهجومي، كان جندوجان أقرب ما يكون للمرمى، وهذا غريب على اللاعب الذي إستخدمه بيب نفسه كلاعب وسط محوري في بعض فترات الموسم قبل الماضي، لكنه أصبح أقرب للمرمى الآن، ليس “مهاجم وهمي” بالضبط، بل أقرب إلى لاعب رقم 8، يربط بين خط الوسط وبين المهاجمين، يتحرك كثيرا في المساحة التي يخلفها المهاجمون ورائهم ويستفيد من ذلك النظام باعتباره لاعب خط وسط أكثر تقليدية أحيانًا وأكثر ثورية في كثير من الأحيان، لقد أصبح غزير الإنتاج، ويتحمل مسؤوليات أكبر في تسجيل الأهداف، بالطبع عندما لا يكون هناك مهاجم حقيقي في الملعب.

الخريطة الحرارية لجوندوجان, مباراة مانشستر سيتي وليفربول ملعب الأنفيلد موسم 2020-2021, who scored

حتى يكتب عند الله كذابا.. 

تحت هذه المظلة، وبالدخول إلى عقل بيب نفسه، فيبدوا للوهلة الأولى أنه كلما كانت المباراة أصعب، كلما كان رهان الإسباني على المهاجم الوهمي أكبر، فعلها دي بروين خارج ملعبه مع تشيلسي، وفي أفضل آداء للسيتي هذا الموسم ضد ليفربول في الأنفيلد كان فودين في أفضل، وتناوب في هذا الدور محرز وديبروين أمام أرسنال، كان فودين خارج ملعبه في أولد ترافورد في نصف نهائي كأس كاراباو هذا الموسم، قبل اثني عشر شهرًا، في نفس المباراة، كان كل من سيلفا و ديبروين كاذبين في تشكيل 4-2-4.

وقام ديبروين بتجربة هذا الدور في عام 2016 أمام برشلونة في دوري الأبطال، مع عودة أجويرو خطوتين للخلف أو لجهة اليسار، في أدوار تشبه التي أعطاها لإيتو في مباراة البرنابيو الشهيرة 2009، مما يعني أن الفكرة قديمة في عقل الرجل، حاول أن يوجدها كثيرًا ولكن الإنفجارة لم تأتي إلا مع لاعب واحد إسمه “فيل فودين” قبل عدة أسابيع أمام ليفربول، “فودين لا يفكر كثيراً قبل التمرير، مثل صناع اللعب الكبار، ولا يكتفي حتى بالتفكير في اللعبة قبل ان تصل اليه الكرة، لاعب ذكي لأقصى درجة، لذلك سينجح في أي مركز يتواجد خلاله، طالما وفرت له الإطار التكتيكي الصحيح”.

هكذا كتب المحلل الرياضي أحمد مختار بعد مباراة عاث فيها فودين فسادًا، مخربًا لتنظيمات ليفربول الدفاعية، فيما بقى الريدز عاجزين أمامه، ليس لديهم قدرة على التنبأ: كيف سيكون شكل التحرك القادم؟ هل سيفاجأنا من الوسط؟ هل سيأتي من أقصى اليسار؟ أم من أقصى اليمين؟، أسئلة طرحها لاعبي ليفربول على أنفسهم قبل أن يبتفاجؤوا به أمامهم مسجلا هدفا وصانعا مثله، وبأعلى تقييم بعد المباراة وصل إلى 9.29 كما حدده موقع who scored الشهير.

الخريطة الحرارية لفودين من مباراة ليفربول, who scored
تمركز فودين أثناء التسديد, مباراة ليفربول, who scored

 

الظهير الوهمي.. لأن الكذبَ حقٌ لنا جميعًا

يبدوا أن الأمر لم يتوقف عند المهاجمين، فالفكرة قد أشعلت رأس بيب جوارديولا ليحاول تطبيقها في جميع أرجاء الملعب، “أنا أستطيع السيطرة عليها وإخراجها في ثوب جيد، لذلك ولم لا؟ لندخل كانسيلو إلى منتصف الملعب، فعلها ووكر من قبل في موسم ال100 نقطة، وفعلها فيليب لام تحت إمرتي في بايرن ميونخ، لذلك فالنفعلها مرةً أخرى مع جواو كانسيلو”.

ربما كانت تلك الكلمات هي التي خاطب بها الرجل نفسه قبل أن يبدأ في تنفيذ فكرته: في حالة بناء الهجمة، يدخل كانسيلو لعمق الملعب ليزيد من خيارات التمرير أمام الدفاع، سيساعدنا هذا على الخروج بالكرة، وصنع التفوق العددي في منتصف الملعب.

أما في حالة فقدان الكرة في منتصف ملعب الخصم، سيعطينا ذلك قدرةً أكبر على التحكم في المرتدات، نظرًا لوجود لاعب إضافي بجانب لاعب الإرتكاز، مع اللعب بالظهير العكسي كقلب دفاع ثالث، لإغلاق العمق ومنح الحرية المطلوبة للاعبي الوسط ولكانسيلو للتحرك في أرجاء الملعب يمينًا أو يسارًا.

الخريطة الحرارية لجواو كانسيلو, مبارتي وولفرهامبتون وبروسييا مونشجلادباخ على التوالي, who scored

وأخيرًا -عزيزي القارئ- لو وصلت إلى هذه المرحلة من قراءة التقرير، فيبدوا أنك مهتمٌ فعلا بما يحدث داخل الملعب، وتستحق هذه المعلومة: بيب جوارديولا ليس الكاذب الوحيد في كرة القدم، بل ليس هو من إبتكر تلك الأفكار في الأساس، فعلها قبله جيل المجر الذهبي في الخمسينات والستينات، وفعلها أيضًا أرسنال التاريخي تحت قيادة المدرب هيربرت تشامبان في الثلاثينات من القرن المنصرم، وفعلها رينوس ميتشلز رفقة هولندا، وفعلها.. ربما يمكنك قراءة كتاب “الهرم المقلوب” لتتعرف أكثر على الكاذبين في كرة القدم، وأصحاب الثورات التكتيكية الحقيقية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى