من الزعامة إلى الفشل.. كيف ضيعت إدارة الزمالك فرصة ذهبية مع جوميز؟

لا شك أن نادي الزمالك واحد من الأندية العريقة في الكرة المصرية والأفريقية، وقد حمل اسمه العديد من الألقاب القارية والمحلية، وحقق بصمات لا يمكن إغفالها في تاريخ الرياضة المصرية، ولكن، إذا أردنا الحديث عن إدارة النادي في السنوات الأخيرة، فلا يمكننا أن نتجاهل أزمة الاحترافية التي تغزو كل تفاصيل العمل داخل النادي، ومن أبرز تجليات هذه الأزمة هي الطريقة التي تم بها التعامل مع المدرب السابق جوزيه جوميز، الذي حقق للنادي بطولتين قاريتين في فترة وجيزة، ليغادر في النهاية، ليس بسبب فشله، بل بسبب عدم قدرته على الاستمرار في بيئة تفتقر إلى الاحترافية.
جوميز.. من بطل إلى مغادر
من المعروف أن جوزيه جوميز جاء إلى الزمالك في وقت عصيب كان الفريق يعاني فيه من تراجع في المستوى، ومن تحديات مالية كبيرة، ومع ذلك، أصر الرجل على تولي المهمة رغم كل الصعاب، وأثبت أنه قادر على العودة بالفريق إلى القمة، بفضل فلسفته الفنية وأسلوبه المميز، قاد الفريق لتحقيق بطولتين قاريتين، واحدة من بطولة كأس الاتحاد الإفريقي “الكونفيدرالية” والأخرى من كأس السوبر الإفريقي، وبالرغم من تلك الإنجازات، التي كان يجب أن تجلب له مزيدًا من الدعم، إلا أن الظروف داخل النادي كانت تزداد صعوبة بشكل يومي.
كان جوميز يعمل وسط ضغوط شديدة: تأخرت مستحقاته المالية، وواجه تحديات في إتمام صفقات جديدة لتدعيم الفريق، في وقت كان النادي في حاجة ماسة إلى تجديد دمائه، وكل هذا بالإضافة إلى عدم القدرة على التفاوض مع لاعبين مميزين مثل أحمد سيد “زيزو” الذي كان عقده على وشك الانتهاء. وكل هذا يخلق بيئة غير مواتية لأي مدرب، مهما كانت إمكانياته. فمع رحيل جوميز، قد يتسبب ذلك في أزمة أكبر، بل قد يشكل تهديدًا وجوديًا لمستقبل النادي.
إدارة الزمالك.. فشل مستمر في الحفاظ على النجاحات
لا يمكن أن نتحدث عن هذه الأزمة دون النظر إلى ضعف الاحترافية التي تميز إدارة الزمالك الحالية، فالفريق يمتلك تاريخًا عظيمًا، ولكن إدارة النادي لم تستطع الحفاظ على الاستقرار الفني، بل سمحت للعديد من المدربين بالرحيل دون أن تكون هناك استراتيجيات واضحة للحفاظ على النجاحات.،جوزيه جوميز، الذي حقق للنادي بطولتين قاريتين، تم التعامل معه بشكل عشوائي، وبدلاً من توفير الدعم الكافي له ليواصل نجاحاته، تم دفعه للرحيل في لحظة كانت تتطلب فيه استمراره لتحقيق المزيد.
هذه الأزمة ليست مجرد فقدان لمدرب مميز، بل هي مؤشر واضح على تراجع حقيقي في الاحترافية داخل النادي، عندما يتعامل النادي مع مدرب بهذه الطريقة، فهذا يعني أنه لا توجد رؤية واضحة، وأن المسؤولين في النادي لا يفهمون حقيقة الاحترافية في عالم كرة القدم، وبالتالي، فإن الأزمة لا تقتصر فقط على فشل التعاقدات، بل تمتد إلى طريقة إدارة الفريق والتمويل.
إلى متى تستمر الأزمة؟
في ظل كل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: إلى متى ستستمر هذه الأزمة؟ فإدارة الزمالك لا تبدو قادرة على الخروج من دائرة الفشل، حيث لم تتمكن من الوفاء بوعودها المالية للاعبين والمدربين، بل أكثر من ذلك، يبدو أن الإدارة لا تعي حجم الضغوط التي يتعرض لها الفريق على المستوى الفني والإداري. وبالرغم من المحاولات العديدة للإدارة الجديدة لترتيب الوضع، فإنها لم تتمكن من معالجة المشكلات الجذرية.
من ناحية أخرى، تتزايد المخاوف بشأن ما إذا كان الفريق سيتمكن من المحافظة على مكانته داخل المربع الذهبي للدوري المصري، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فقد لا يكتفي النادي بخسارة المدرب جوميز فقط، بل قد يواجه تهديدًا حقيقيًا بخروج لاعبين مميزين مثل أحمد سيد “زيزو”، وهو ما سيجعل النادي بعيدًا عن المنافسة في البطولات المحلية والقارية.
في الواقع، يبدو أن الزمالك يعاني من أزمة إدارية حقيقية تتعلق بعدم القدرة على تنظيم الأمور المالية وتوفير بيئة احترافية تسمح بالفوز والنجاح، وإذا لم يتم حل هذه المشكلة بسرعة، فإن النادي قد يجد نفسه في وضع صعب للغاية. ومن المعروف أن أي فريق لا يمكنه الاستمرار في النجاح دون استقرار داخلي، واستقرار الإدارة هو الأساس في تحقيق هذا الاستقرار، ومن دون ذلك، لن يكون هناك مستقبل مشرق للنادي، بل سيتحول إلى مجرد ذكرى لفرق كانت يومًا ما عريقة، ولكنها سقطت بسبب سوء الإدارة.
الفشل في التعاقدات.. هل يُكتب للنادي الضياع؟
أما فيما يخص التعاقدات، فقد أصبح من الواضح أن الزمالك يعاني من فشل مستمر في إتمام صفقات قوية لدعم الفريق، وفي الوقت الذي كانت فيه الأندية المنافسة تبرم صفقات قوية، كان الزمالك يقف مكتوف الأيدي، ولم يستطع تجديد تعاقدات لاعبيه المميزين، مثل زيزو، الذي يعد أحد أبرز اللاعبين في الفريق، هذا الفشل في التعاقدات يساهم بشكل مباشر في تراجع مستوى الفريق، ويزيد من حجم الضغوط على المدربين واللاعبين.
بجانب ذلك، فإن تأخر مستحقات اللاعبين والمدربين يعد مؤشرًا آخر على أزمة مالية تؤثر على الأداء داخل النادي، فعندما لا يشعر المدرب واللاعبون بأن حقوقهم مضمونة، فهذا يؤدي إلى تراجع حاد في الأداء الفني داخل الفريق، بل يفتح الباب أمام اللاعبين للبحث عن عروض أخرى.
هل من حلول قادمة؟
مع تزايد الأزمة في الزمالك، يبقى الأمل في أن تجد الإدارة حلولًا سريعة وفعالة للنهوض بالفريق مجددًا. ولكن، من خلال التجارب السابقة، يبدو أن الزمالك يحتاج إلى خطة طويلة الأمد، تبدأ بإعادة بناء الاستقرار الإداري والمالي، ومن ثم استعادة الثقة بين الجهاز الفني والإدارة، كما يجب أن تركز الإدارة على تجديد تعاقدات اللاعبين المميزين مثل زيزو، والبحث عن صفقات قوية تعيد للنادي مكانته بين الأندية الكبرى.
من المهم أن تدرك الإدارة أن كرة القدم ليست فقط عن المهارات الفنية، بل هي أيضًا عن التنظيم الإداري، وتوفير بيئة مواتية للاعبين والمدربين لتحقيق النجاحات. وعليه، إذا استمرت الأزمة كما هي، فإن الفريق سيظل في دائرة الفشل، ويبدو أن النادي سيكون في حاجة إلى فترة طويلة من الإصلاحات لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.
الخاتمة
إدارة الزمالك أمام تحدٍ حقيقي، إذ لا يكفي أن يكون لديك تاريخ عريق وألقاب سابقة لتظل في القمة، بل يجب أن تكون لديك رؤية واضحة وإدارة محترفة قادرة على معالجة المشاكل المالية والفنية. جوزيه جوميز لم يكن فاشلاً، بل كان ضحية لبيئة غير مواتية للتطور والنجاح. وإذا استمرت الأزمة بهذا الشكل، فإن النادي قد يواجه خطر فقدان لاعبين آخرين، مما سيؤدي إلى ابتعاده عن المربع الذهبي ليس فقط في الدوري المحلي، ولكن أيضًا في المنافسات القارية. إلى متى ستظل هذه الأزمة؟ فقط الوقت كفيل بالإجابة، ولكن إذا لم تتحرك الإدارة بسرعة،فإن الزمان سيجعل الزمالك مجرد ذكرى.



