فوضى البالون دور 2025.. لا ميسي ولا رونالدو وصلاح يفرض اسمه بقوة
منذ أن غاب الثنائي الأعظم في تاريخ كرة القدم الحديث — ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو — عن ملاعب أوروبا، تغيّر شكل المنافسة على جائزة الكرة الذهبية “البالون دور”، وتحولت من حلبة صراع ثنائي واضح المعالم إلى ساحة مفتوحة لا يمكن التكهن بنتائجها حتى اللحظة الأخيرة.
لم نعد نعيش أيام الحسم المبكر، ولا نتابع موسمًا نعرف في نهايته من سيصعد على منصة الذهب. بالعكس، باتت الجائزة الفردية الأهم في عالم المستديرة محكومة بالتفاصيل الصغيرة: تمريرة حاسمة، هدف في الوقت القاتل، أو خروج مفاجئ من بطولة أوروبية.
2025 يكتب فصلاً جديدًا في ملحمة الذهب. موسم درامي على كافة الأصعدة، يعبث بالتوقعات، ويقلب موازين القوى. فلا سيطرة واضحة لأحد، ولا نجم أوحد يملك مفاتيح المجد. الجائزة باتت أقرب من أي وقت مضى للقرار الجماعي.. لمن ينجح في خطف قلوب المصوتين من إعلاميين ومدربين وقادة منتخبات حول العالم.
لماذا باتت الكرة الذهبية أكثر إثارة من أي وقت مضى؟
الكرة الذهبية لم تعد تُمنح فقط للأسماء اللامعة أو لمن يملك شعبية جارفة، بل باتت مرآة دقيقة تعكس تفاصيل موسم كامل من الصراع الفردي والجماعي.
وإذا كانت السنوات الماضية قد شهدت سيطرة ميسي ورونالدو، فالعصر الحالي يتميز بتقارب غير مسبوق في مستويات النجوم. لا يوجد لاعب يفرض هيمنته الكاملة، والبطولات لا تتوج بالضرورة من يملك الشعبية الأكبر، بل من يؤدي باحترافية وثبات.
في هذا الموسم، شهدنا مفارقة استثنائية: أكبر النجوم غادروا دوري أبطال أوروبا مبكرًا، والبطولات الجماعية لم تكن في متناول معظمهم. والنتيجة؟ سباق مفتوح.. كل هدف يصنع الفارق، وكل تمريرة قد تغير خريطة التصويت.
محمد صلاح.. الملك الذي لا يُقهر في الدوري الأقوى
في عامه الثامن مع ليفربول، بلغ محمد صلاح قمة نضجه الكروي، وقدم موسمًا هو الأبرز في مسيرته من حيث الأرقام والتأثير.
الأرقام تتحدث:
المباريات: 49
الأهداف: 33
التمريرات الحاسمة: 23
البطولات: لقب الدوري الإنجليزي الممتاز
إنجازات فردية:
هداف البريميرليج (28 هدفًا)
أكثر من صنع أهداف في البريميرليج (18 تمريرة)
وصيف الحذاء الذهبي الأوروبي
3 أهداف و4 تمريرات حاسمة في دوري الأبطال
أداء صلاح يشبه نسخة ميسي 2019، حين تُوج بالبالون دور رغم عدم فوزه بدوري الأبطال. الفرق؟ صلاح تفوّق رقميًا، ونافس في الدوري الأصعب بالعالم. وإذا كانت الكرة الذهبية تُمنح لأكثر من استحقها فرديًا، فإن صلاح يملك حجة لا يمكن تجاهلها هذا العام.
رافينيا.. وحش أوروبا الأول
في برشلونة، لا يتصدر العناوين دائمًا، لكنه يترك بصمته بقوة كلما لمس الكرة. رافينيا هذا الموسم كان رمانة ميزان البلوجرانا، خاصة في دوري الأبطال، حيث قاد فريقه لنصف النهائي وسجل أرقامًا إعجازية.
أرقامه:
المباريات: 53
الأهداف: 32
التمريرات الحاسمة: 25
الألقاب: كأس الملك + كأس السوبر الإسباني
وضع الفريق: متصدر الليغا بفارق 4 نقاط عن ريال مدريد
أرقام أوروبية:
هداف دوري أبطال أوروبا (13 هدفًا)
أكثر من صنع أهداف في البطولة (9 تمريرات)
ضمن الأفضل تهديفًا وصناعة في الليغا
المعضلة الوحيدة في ملف رافينيا هي وجود لامين يامال، الذي خطف بعض الأضواء، مما قد يؤدي لتشتت أصوات المصوتين — السيناريو ذاته الذي أسقط نجوم ريال مدريد الموسم الماضي.
لامين يامال.. الشاب الذي قلب التوقعات
في سن 17 عامًا، دخل لامين يامال سباق البالون دور من الباب الواسع. ليس فقط لأنه يلعب في نادٍ بحجم برشلونة، ولكن لأنه يحمل الفريق على كتفيه في لحظات الحسم.
أرقامه:
المباريات: 51
الأهداف: 15
التمريرات الحاسمة: 22
الألقاب: كأس الملك + كأس السوبر الإسباني
الأداء الأوروبي: سجل 5 أهداف وصنع 3
الدوري المحلي: أكثر من صنع أهداف (14 تمريرة)
يامال يُشبه مبابي 2018.. شاب صاعد، لكنه مؤثر بجنون، ولو توج برشلونة بالليغا رسميًا، فوجوده على منصة التتويج قد لا يكون مجرد مشاركة رمزية، بل تهديد حقيقي لحلم الكبار.
عثمان ديمبيلي.. الوجه المشرق في باريس
قد يكون أقرب المرشحين للفوز بالبالون دور هذا العام، شرط واحد فقط: أن يُكمل باريس سان جيرمان ثلاثيته التاريخية.
أرقامه:
المباريات: 46
الأهداف: 33
التمريرات الحاسمة: 13
الألقاب: الدوري الفرنسي + كأس السوبر الفرنسي
البطولات المنتظرة: نهائي دوري الأبطال + نهائي كأس فرنسا
دوري الأبطال: 8 أهداف و4 تمريرات
إذا حقق باريس الثلاثية، لا يمكن تجاهل ديمبيلي. سيكون ذلك أول تتويج بالكرة الذهبية للاعب فرنسي منذ زيدان، وسينهي سنوات من الانتظار بالنسبة لسان جيرمان.
مبابي.. الحلم يتبخر؟
في ظروف أخرى، كانت الكرة الذهبية لتكون في متناول كيليان مبابي، لكنه دفع ثمن موسم انتقالي شهد رحيله إلى ريال مدريد، وخروجه من دوري الأبطال مبكرًا.
أرقامه:
المباريات: 51
الأهداف: 35
التمريرات: 5
البطولات: السوبر الأوروبي + كأس الإنتركونتيننتال
الليغا: وصيف برشلونة
الأداء الأوروبي: 7 أهداف وصناعة واحدة
نجم بحجم مبابي لا يُستبعد أبدًا، لكن هذا الموسم لم يكن مثاليًا له، وقد يتأجل حلمه للعام المقبل.
المشهد الختامي: سيناريوهات الحسم
إذا توج باريس سان جيرمان بدوري الأبطال: ديمبيلي في الصدارة
إذا لم يفز أي مرشح بدوري الأبطال: صلاح هو الأقرب
إذا حسم برشلونة الليغا: رافينيا يتقدم السباق
إذا توزعت أصوات برشلونة بين رافينيا ويامال: صلاح المستفيد الأكبر
إذا فشل باريس وبرشلونة في التتويج القاري والمحلي: سباق مفتوح حتى الدقيقة الأخيرة
في الختام: ذهب بلا سيد.. والعالم يترقّب
الكرة الذهبية هذا العام ليست مجرد جائزة، بل اختبار حقيقي لمعايير العدالة في كرة القدم الحديثة. هل يفوز من قدّم الأفضل فرديًا؟ أم من تألق أوروبيًا؟ أم من حقق الألقاب الجماعية؟
وسط هذا الكم من الأرقام، يظل التأثير هو كلمة السر. ومع نهاية الموسم تلوح في الأفق أسماء صلاح، ديمبيلي، رافينيا.. كل منهم يستحق، لكن من سيحمل الذهب؟
كل مباراة متبقية، كل لمسة، كل هدف.. قد ترسم مصير البالون دور 2025.



