أسطورة لا تعرف الحدود.. كيف قلب ميسي موازين الدوري الأمريكي وصنع تاريخًا جديدًا مع إنتر ميامي؟
630 يومًا فقط كانت كفيلة ليعيد ليونيل ميسي كتابة التاريخ من جديد، لكن هذه المرة بعيدًا عن صخب أوروبا، وتحديدًا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ارتدى قميص إنتر ميامي ليصنع مجدًا جديدًا، ويصبح الهداف التاريخي للنادي في الدوري الأمريكي، متجاوزًا نجمًا كبيرًا مثل جونزالو هيجوايين، في إنجاز فريد يُضاف لسلسلة أرقامه الأسطورية.
منذ وصوله إلى ميامي في يوليو 2023، بعد رحلة أسطورية في أوروبا بين برشلونة وباريس سان جيرمان، لم يحتج “البرغوث” إلى الكثير من الوقت لإثبات نفسه في الملاعب الأمريكية. شارك ميسي في 32 مباراة فقط، لكنه وضع بصمة لا تُمحى بتسجيله 25 هدفًا وصناعته لـ19 آخرين، ليصل إلى 44 مساهمة تهديفية، متفوقًا على هيجوايين الذي اكتفى بـ43 مساهمة خلال 67 مباراة.
ومع بداية الموسم الجديد، ظهر ميسي بصورة أكثر توهجًا من أي وقت مضى، فشارك في كل مباراة كان جاهزًا فيها بدنيًا، ونجح في التسجيل أو الصناعة في جميعها، مما ساهم في انطلاقة مثالية لإنتر ميامي، جعلته أحد أقوى المرشحين للقب حتى الآن.
لكن رغم هذا التوهج، اصطدم الفريق مؤخرًا بتعادل مخيب أمام تورونتو إف سي، في مباراة لم تُرضِ طموحات الجماهير، خاصة بعدما أحرز ميسي هدفًا كان من الممكن أن يكون كافيًا للفوز، لولا الأخطاء الدفاعية التي سمحت بتعادل الفريق المنافس. هذا التعادل أفقد إنتر ميامي صدارة الدوري، التي ذهبت مؤقتًا إلى فانكوفر وايتكابس، مع تبقي مباراة مؤجلة للنادي الوردي.
ما يميز ميسي هذا الموسم ليس فقط الأرقام، ولكن التأثير الواضح على أداء الفريق ككل. بوجوده، تحوّل إنتر ميامي من فريق متوسط إلى قوة ضاربة تخشاه جميع الفرق. معدل مساهمته التهديفية يُعد استثنائيًا، حيث يساهم بهدف كل 54 دقيقة، وهو رقم لا يضاهيه فيه أي لاعب آخر في الدوري، ما يعكس قيمة ميسي الفنية والذهنية في الملعب.
ورغم غيابه عن بعض المباريات بسبب الإصابة، فإن حضوره في بقية اللقاءات كان كافيًا ليصنع الفارق، سواء بالأهداف أو التمريرات الحاسمة، أو حتى بجذب أنظار الدفاعات إليه وفتح المساحات لزملائه.
ولعل أكثر ما يُبرز قيمة ميسي حاليًا، أنه وصل إلى قمة هدافي إنتر ميامي في وقت قصير جدًا، محققًا أرقامًا مذهلة في نصف عدد المباريات التي احتاجها هيجوايين، ما يعكس الفارق الكبير في الكفاءة والتأثير بين النجمين، رغم الاحترام الكامل لما قدمه جونزالو بقميص ميامي.
الآن تتجه الأنظار نحو المواجهة المرتقبة في إياب ربع نهائي دوري أبطال الكونكاكاف، حيث سيصطدم إنتر ميامي بمنافس شرس هو لوس أنجلوس إف سي، في محاولة لقلب تأخره ذهابًا بهدف نظيف. الغريب أن هذه المباراة كانت الوحيدة هذا الموسم التي لم يسجل فيها ميسي أو يصنع، ما يجعل اللقاء المقبل فرصة مثالية له للرد واستعادة نغمة الحسم.
في نهاية المطاف، أثبت ليونيل ميسي مرة أخرى أنه ظاهرة كروية لا تتكرر. فكلما تنقل من نادٍ إلى آخر، أو من قارة لأخرى، يحمل معه سحره الخاص، ويزرع النجاح حيثما حلّ. وما يفعله الآن في الملاعب الأمريكية هو امتداد لأسطورته التي بدأت في روزاريو، وتألقّت في كامب نو، وواصلت طريقها في باريس، لتبلغ فصلًا جديدًا من المجد في ميامي.



