أهم المباريات
شاهد كل المباريات
آخر الأخبارالأنديةالأهلي

ثابت البطل.. أسطورة الأهلي التي حاربت المرض حتى النفس الأخير

في تاريخ كرة القدم المصرية، هناك أسماء لا تُنسى، بل تُخلد في ذاكرة الجماهير بأفعالها قبل إنجازاتها، بمواقفها قبل بطولاتها. واحد من هؤلاء هو ثابت البطل، الرجل الذي لم يكن مجرد حارس مرمى أو مدير كرة، بل كان نموذجًا نادرًا في الوفاء والانتماء. لم يكن مجرد لاعب عادي في النادي الأهلي، بل كان أيقونة تتجسد فيها كل معاني الإخلاص، ليظل اسمه محفورًا في القلوب حتى بعد مرور عشرين عامًا على رحيله.

عندما نتحدث عن ثابت البطل، فإننا لا نتحدث فقط عن أحد أعظم حراس المرمى في تاريخ مصر، ولا عن أحد أكثر الإداريين نجاحًا في القلعة الحمراء، بل عن رجل أعطى للنادي حياته، حتى اللحظات الأخيرة. المشهد الذي لا يُنسى، حين جلس في مدرجات الكلية الحربية متلفحًا ببطانية ليشاهد الأهلي في مواجهة الزمالك، رغم المرض الذي كان ينهش جسده، يظل علامة خالدة على وفائه وعشقه لهذا الكيان. لم يكن ذلك مجرد حضور لمباراة قمة، بل كان درسًا في التضحية والانتماء سيبقى محفورًا في تاريخ الأهلي وجماهيره.

البداية.. من الحوامدية إلى قمة المجد

وُلد ثابت البطل في 16 سبتمبر 1953 في مدينة الحوامدية، وبدأ مشواره الكروي في فريق شركة السكر هناك، قبل أن يلتقطه كشافو الأهلي لينضم إلى النادي عام 1974، ويبدأ رحلة من التألق جعلته أحد أعظم الحراس في تاريخ مصر. خلال 17 عامًا قضاها داخل جدران القلعة الحمراء، أصبح ثابت البطل رمزًا للصلابة بين الخشبات الثلاث، وأحد أبرز الأسماء التي دافعت عن شباك الأهلي.

تميز البطل بردود أفعاله السريعة، وشخصيته القوية داخل الملعب، ليصبح الحارس الأول للأهلي لسنوات طويلة، متفوقًا على العديد من المنافسين. لم يكن مجرد لاعب يتصدى للكرات، بل كان قائدًا يُلهم زملاءه بروحه القتالية، وهي الروح التي انعكست لاحقًا في عمله الإداري، حيث أصبح من أنجح مديري الكرة في تاريخ النادي.

إنجازات من ذهب.. وحضور لا يُمحى

حقق ثابت البطل مع الأهلي بطولات لا تُحصى، فقد فاز بلقب الدوري المصري 11 مرة، وكأس مصر 6 مرات، بالإضافة إلى التتويج بدوري أبطال إفريقيا مرتين، وكأس الكؤوس الإفريقية 3 مرات. أما على المستوى الدولي، فقد كان من أبرز نجوم منتخب مصر في كأس الأمم الإفريقية 1986، عندما قاد الفراعنة للفوز باللقب بعد تصديه لركلتي جزاء في النهائي أمام الكاميرون.

كما شارك مع المنتخب في دورة الألعاب الإفريقية عام 1987، وساهم في تأهله لدورة الألعاب الأولمبية مرتين، في موسكو 1980 ولوس أنجلوس 1984، لكن لم يحالفه الحظ في اللعب بسبب الظروف السياسية والإصابة.

المدير الصارم.. قائد الأهلي في أصعب الأوقات

بعد اعتزاله عام 1991، لم يبتعد ثابت البطل عن الأهلي، بل عاد إليه في منصب مدير الكرة، ليبدأ مرحلة جديدة من التألق، لكن هذه المرة خارج المستطيل الأخضر. تميز بالحزم والصرامة في التعامل مع اللاعبين، لكنه كان في الوقت ذاته محبوبًا من الجميع، نظرًا لعدله وحرصه الدائم على مصلحة الفريق.

قاد الأهلي إداريًا في فترات صعبة، وكان جزءًا من نجاحات الفريق في العديد من البطولات المحلية والإفريقية. لم يكن مجرد إداري يجلس خلف مكتب، بل كان حاضرًا في كل التفاصيل، قريبًا من اللاعبين، مدافعًا عن حقوقهم، وواقفًا في وجه أي أزمة تهدد استقرار الفريق.

المعركة الأخيرة.. ثابت البطل والسرطان

في عام 2004، بدأ مرض السرطان ينهش جسد ثابت البطل، لكنه لم يسمح له أبدًا بأن يهزمه نفسيًا. ظل يعمل داخل الأهلي رغم اشتداد المرض، ورفض التراجع أو الاستسلام، حتى اللحظات الأخيرة من حياته.

المشهد الذي لا يُنسى كان في 13 فبراير 2005، قبل وفاته بيوم واحد، عندما أصر على حضور مباراة القمة بين الأهلي والزمالك، رغم حالته الصحية المتدهورة. ذهب إلى الاستاد وهو يشعر ببرودة شديدة، فأحضر بطانية من فندق الإقامة وتلفح بها ليشاهد المباراة حتى النهاية، وكأنه يودع عشقه الأبدي، الأهلي.

وفي فجر 14 فبراير 2005، أسلم ثابت البطل روحه إلى بارئها، بعد معركة طويلة مع المرض، لكنه رحل وهو بطل، كما كان دائمًا.

إرث لا ينسى.. ثابت البطل في ذاكرة الجماهير

اليوم، وبعد 20 عامًا على رحيله، لا تزال جماهير الأهلي تتذكر ثابت البطل بكل الحب والوفاء. لم يكن مجرد لاعب أو إداري، بل كان أسطورة تجسد كل معاني الإخلاص والانتماء. اسمه سيظل خالدًا في تاريخ الأهلي، ليس فقط بسبب إنجازاته، بل بسبب روحه القتالية، ووفائه الذي لم ينكسر حتى في وجه المرض.

لقد كان ثابت البطل حقًا اسمًا على مسمى، بطلاً في حياته، وبطلاً حتى لحظة رحيله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى